" اسمها مشتق من الجزاء، إما جزاء على كفرهم لأخذها منهم صغارا، وإما جزاء على أماننالهم لأخذها منهم رفقا. " (1) وذكر نحوه أبو يعلى أيضا. (2) وفي الجواهر:
" هي فعلة من جزى يجزي، يقال: جزيت ديني: إذا قضيته. " (3) وعلى هذا تكون الفارسية مأخوذة من العربية. ويحتمل أصالتهما أيضا، فتدبر.
وكانت الجزية تؤخذ من أهل الكتاب عوضا عن حفظ ذمتهم والكف عنهم الدفاع عن حقوقهم وحرماتهم. ولا غنى للحكومة التي تريد أن تقوم على ساقها عن الضرائب المالية حقا كانت الدولة أم باطلة.
ولعل اليد في الآية كناية عن القوة والقدرة، فيراد أنهم يعطون الجزية عن قدرة سلطة لكم عليهم، وهم خاضعون منقادون في قبال الحكم الإسلامي. فالآية تدل على ركني عقد الذمة، أعني بذل الجزية والالتزام بأحكام المسلمين.
وقيل: يعني عن غنى وقدرة لهم. وقيل: يعني نقدا لا نسية. وقيل: يعطيها من يده إلى يد من يدفعه إليه من غير واسطة، كما يقال: كلمته فما بفم. والله - تعالى - أعلم.
والظاهر أن الصغار لا يراد به أزيد من التزامهم بأحكامنا وانقيادهم للدولة الإسلامية، وسيأتي تفصيل ذلك.
وظاهر الآية أن قبول الجزية من أهل الكتاب إلزامي، فلا يجوز قتالهم بعد ما قبلوا إعطاءها، اللهم إلا أن يقال إن إعطاء الجزية في الآية غاية لوجوب القتال لا لجوازه.
والحاصل أن الأمر بالقتال إن كان مفاده الوجوب كما هو الظاهر منه بدوا كان إعطاء الجزية غاية لوجوبه، فلا ينافي بقاء الجواز معه. نعم، لو قيل: بأن مفاد الأمر هنا هو الجواز فقط لكونه في مقام توهم الحظر كانت الغاية غاية للجواز،