وقال قوم: مال الفيء خلاف مال الصدقات، لأن مال الفيء أوسع، فإنه يجوز أن يصرف في مصالح المسلمين، ومال الصدقات إنما هو في الأصناف الثمانية.
وقال قوم: مال الفيء يأخذ منه الفقراء من قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بإجماع الصحابة في زمن عمر بن الخطاب، ولم يخالفه فيه أحد إلا الشافعي فإنه قال: يأخذ منه الفقراء والأغنياء، وإنما ذكروا في الآية لأنهم منعوا الصدقة فبين الله أن لهم في مال الفيء حقا.
وقال عمر بن الخطاب: مال بني النضير كان فيئا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة ولذي القربى قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بني هاشم وبني المطلب...
والذي نذهب إليه أن مال الفيء غير مال الغنيمة: فالغنيمة كل ما أخذ من دار الحرب بالسيف عنوة مما يمكن نقله إلى دار الإسلام، وما لا يمكن نقله إلى دار الإسلام فهو لجميع المسلمين ينظر فيه الإمام ويصرف ارتفاعه إلى بيت المال لمصالح المسلمين.
والفئ كل ما أخذ من الكفار بغير قتال أو انجلاء أهلها وكان ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة يضعه في المذكورين في هذه الآية. وهو لمن قام مقامه من الأئمة الراشدين. " (1) 4 - وفي المجمع في ذيل آية الخمس:
" الغنيمة ما أخذ من أموال أهل الحرب من الكفار بقتال وهي هبة من الله - تعالى - للمسلمين. والفئ ما أخذ بغير قتال وهو قول عطاء ومذهب الشافعي وسفيان. وهو المروي عن أئمتنا (عليه السلام). وقال قوم: الغنيمة والفئ واحد، وادعوا أن هذه الآية ناسخة للتي في الحشر... " (2) أقول: وقد مضى في أول بحث الغنائم قريب من هذا عن تفسير القرطبي، فراجع. (3)