لأهل الفيء والغنيمة أن ينفردوا بوضعه في مستحقه حتى يتولاه أهل الاجتهاد من الولاة.
والرابع: اختلاف المصرفين على ما سنوضح.
أما الفيء والغنيمة فهما متفقان من وجهين ومختلفان من وجهين:
فأما وجها اتفاقهما فأحدهما: أن كل واحد من المالين واصل بالكفر. والثاني أن مصرف خمسهما واحد.
وأما وجها افتراقهما فأحدهما أن مال الفيء مأخوذ عفوا ومال الغنيمة مأخوذ قهرا.
والثاني: أن مصرف أربعة أخماس الفيء مخالف لمصرف أربعة أخماس الغنيمة على ما سنوضح إن شاء الله - تعالى -.
وسنبدأ بمال الفيء فنقول: إن كل مال وصل من المشركين عفوا من غير قتال لا بإيجاف خيل ولا ركاب فهو كمال الهدنة والجزية وأعشار متاجرهم، أو كان واصلا بسبب من جهتهم كمال الخراج ففيه إذا أخذ منهم أداء الخمس لأهل الخمس مقسوما على خمسة. وقال أبو حنيفة: لا خمس في الفيء... " (1) وذكر نحو ذلك أبو يعلى الفراء في الأحكام السلطانية، إلا أنه جعل الخمس مختلفا فيه عند أصحاب أحمد (2).
أقول: الماوردي من علماء الشافعية، وقد مر عن الشافعي الحكم بثبوت الخمس في الفيء، ومر عن الخلاف أيضا ما يظهر منه الموافقة له، ومر منا الإشكال في ذلك.
وأما ما قاله الماوردي من أن أموال الصدقات يجوز أن ينفرد بها أربابها بقسمتها في أهلها فهو وإن كان حقا عندنا في صورة عدم بسط يد الإمام العادل ولكن مع بسط يده ولا سيما مع مطالبته فلا محيص عن إيصال الزكوات إليه أو الاستيذان منه، لما دلت على ذلك من الأخبار المستفيضة كما مر في الجهة الثالثة من مبحث الزكاة.