أقول: وكيف كان فالظاهر أن الفيء والأنفال والجزايا والأعشار والزكوات الأخماس وكذلك الأراضي المفتوحة عنوة على ما مر، كل هذه الأموال العامة وتكون تحت اختيار الإمام، ولا يتعلق بها الخمس ولا غيره من الضرائب، فإن الضرائب إنما توضع على أموال الناس بنفع بيت المال والدولة الإسلامية وتؤدى إلى الإمام بما هو إمام المسلمين.
وليس على مال الإمام بما هو إمام ضريبة، ولذا لا تتعلق بالنقود المخزونة في خزانة الدولة الإسلامية زكاة.
وقد أشير إلى هذا في مرسلة حماد الطويلة، حيث قال: " وليس في مال الخمس زكاة، لأن فقراء الناس جعل أرزاقهم في أموال الناس... ولذلك لم يكن على مال النبي والوالي زكاة... " (1) ولعله المقصود أيضا مما رواه أبو بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: أما على الإمام زكاة؟ فقال: " أحلت يا أبا محمد، أما علمت أن الدنيا والآخرة للإمام، يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء؟ الحديث. " (2) فيكون المقصود ما هو مال الإمام بما أنه إمام لا أمواله الشخصية، بداهة أن الإمام الصادق (عليه السلام) مثلا كما يتعلق به التكليف بالصلاة يتوجه إليه التكليف بالزكاة أيضا إذا صارت أمواله الشخصية بحد النصاب. ويشهد بذلك قوله: " أما علمت أن الدنيا الآخرة للإمام؟ " إذ هما للإمام بما أنه إمام لا لشخصه.
فان قلت: من الأنفال: المعادن على الأقوى، ومع ذلك يتعلق بها الخمس.
قلت: الخمس إنما يتعلق بها بعد ما أقطعها الإمام إلى الأشخاص، فيكون الخمس بمنزلة حق الإقطاع، ولذا لا نقول بتعلقه بها إذا كان المستخرج لها الدولة