الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان له أن يضعها حيث يراها مصلحة. فأعطاها فاطمة - عليها السلام - لا لأنها ابنته فقط، بل لأن بيتها مهبط الملائكة ومحور حفظ الكتاب والسنة وضمان مستقبل الأمة، وهذا كان من أهم المصالح العامة. فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد دعم بيت الإمامة من الجهة المالية وبهذا الملاك أعطى ونحل فاطمة فدك، وبهذا الملاك أيضا ابتزها الغاصبون.
ومطالبة الميراث كانت في الرتبة المتأخرة ومن باب المماشاة، كما يظهر لمن تتبع.
وفي نهج البلاغة: " بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين، ونعم الحكم الله. وما أصنع بفدك وغير فدك والنفس مظانها في غد جدث؟ " (1) فظاهره أن فدك كانت في أيديهم وتحت تصرفهم، وعلى هذا فلم يكن للخليفة مطالبتهم بالبينة، فإنها خلاف موازين القضاء.
ولم يكن إقطاع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لفاطمة (عليه السلام) وأهلها أمرا فريدا يخصها:
ففي فتوح البلدان للبلاذري: أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أقطع من أرض بني النضير أبا بكر عبد الرحمان بن عوف وأبا دجانة وغيرهم. (2) وأقطع الزبير بن العوام أرضا من أرض بني النضير ذات نخل. (3) وأقطع بلالا أرضا فيها جبل ومعدن. (4) وقال مالك بن أنس: أقطع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بلال بن الحارث معادن بناحية الفرع، لا اختلاف في ذلك بين علمائنا. (5) وأقطع عليا (عليه السلام) أربع أرضين: الفقيرين وبئر قيس والشجرة. " (6) وأبو بكر نفسه أقطع الزبير الجرف، وعمر أقطعه العقيق أجمع. (7)