للرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. " قال: كان الفيء بين هؤلاء فنسختها الآية التي في الأنفال فقال: " واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. " فنسخت هذه الآية ما كان قبلها في سورة الحشر، فجعل الخمس لمن كان له الفيء وصار ما بقي من الغنيمة لسائر الناس: لمن قاتل عليها. " (1) وفي تفسير القرطبي:
" قال قوم من العلماء: إن قوله - تعالى -: " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى " منسوخ بما في سورة الأنفال من كون الخمس لمن سمي له، والأخماس الأربعة لمن قاتل. وكان في أول الإسلام تقسم الغنيمة على هذه الأصناف ولا يكون لمن قاتل عليها شيء. وهذا قول يزيد بن رومان. وقتادة وغيرهما، ونحوه عن مالك. " (2) أقول: يرد على ما ذكره قتادة وغيره أولا: أن موضوع الحكم هنا هو الفيء وفي آية الخمس الغنيمة وهما مختلفان عند الأكثر، حيث أخذوا في مفهوم الفيء عدم القتال وفي مفهوم الغنيمة القتال، فتأمل.
وثانيا: أن الظاهر من قوله: " غنمتم " صدور الاغتنام من المقاتلين. وظاهر قوله:
" فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب " نفي صدور الاغتنام منهم وإنما حصل بتسليط الله رسوله. والظاهر أن الموضوع في كلتا آيتي الفيء واحد، وهو أموال بني النضير كما مر.
وثالثا: أنه يستفاد من الروايات والتواريخ أن آية الخمس نزلت بعد غزوة بدر آية الفيء نزلت في بني النضير بعد غزوة أحد، ومن المحال أن ينسخ المتقدم للمتأخر.
وكيف كان فالحكم عندنا واضح، حيث إن ما لم يوجف عليه يكون من الأنفال كما يأتي، والأنفال كلها للإمام. بل قد عرفت منا أن الغنائم أيضا من الأنفال وأنه لا يتعين فيها التقسيم أيضا، فراجع ما ذكرناه في أول بحث الغنائم.