وما ذكره من التفصيل إحداث قول ثالث، وكأنه نحو قياس للمسألة على سابقتها، والسيرتان كلتاهما نقلتا في حرب البصرة أيضا. هذا.
وفقهاء السنة جميعا على منع القسمة والتملك. نعم، أجاز بعضهم الانتفاع بمالهم من آلات الحرب وأدواتها من دون تملك لها، وارتضاه المرتضى أيضا كما مر.
أقول: فأنت ترى أن المسألة مختلف فيها وأن كلا من القولين استدل له بالإجماع بسيرة علي (عليه السلام) في أهل البصرة، وروى في المبسوط مراسيل بعضها يدل على الجواز وبعضها على المنع.
ولا يخفى أن ادعاء الإجماع في كل من الطرفين موهون بوجود الخلاف وبادعائه في الطرف الآخر. والمراسيل يعتمد عليها إلا إذا ضم بعضها إلى بعض بحيث حصل العلم الإجمالي بصدور بعضها، ونعبر عن ذلك بالتواتر الإجمالي.
ويظهر من الروايات المستفيضة ومن كتب التواريخ أن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حرب البصرة أجاز قسمة الأموال التي حواها العسكر أولا أو قسمها بنفسه ثم أمر بردها. فلو ثبت ذلك بنحو القطع دل على الجواز والحل وأن الرد ثانيا وقع منه منا عفوا. فالعمدة إذا إثبات تحقق التقسيم منه (عليه السلام) أو بإجازته أولا. هذا.
والأخبار التي يستفاد منها الجواز إجمالا أو إجازة التقسيم وإنفاذه كثيرة، فلنذكر ما عثرنا عليه، ولعله يحصل القطع بصدور بعضها:
1 - ففي الوسائل، عن الكافي، قال: وفي حديث مالك بن أعين قال: حرض أمير المؤمنين (عليه السلام) بصفين فقال: "... وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا لا تدخلوا دارا ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم، لا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم.
الحديث. " (1)