ذلك كله إلى ما قضى به أمير المؤمنين (عليه السلام) في محاربي أهل البصرة، فإنه منع من غنيمة أموالهم وقسمتها كما تقسم أموال أهل الحرب. ولا أعلم خلافا من الفقهاء في ذلك...
وإنما اختلف الفقهاء في الانتفاع بدواب أهل البغي وسلاحهم في دار الحرب. قال الشافعي: لا يجوز. وجوزه أبو حنيفة... وابن إدريس وافق السيد المرتضى.
وقال ابن أبي عقيل: يقسم أموالهم التي حواها العسكر.
وقال الشيخ في الخلاف: ما يحويه عسكر البغاة يجوز أخذه والانتفاع به ويكون غنيمة يقسم في المقاتلة، وما لم يحوه العسكر لا يتعرض له، واستدل على ذلك بإجماع الفرقة وأخبارهم...
وقال في النهاية: يجوز للإمام أن يأخذ من أموالهم ما حواه العسكر ويقسم في المقاتلة حسب ما قدمناه، وليس له ما لم يحوه. وجوز ابن الجنيد قسمة ما حواه العسكر أيضا، وهو اختيار ابن البراج وأبي الصلاح.
واستدل ابن أبي عقيل بما روي أن رجلا من عبد القيس قام يوم الجمل فقال: يا أمير المؤمنين، ما عدلت حين تقسم بيننا أموالهم ولا تقسم بيننا نساءهم ولا أبناءهم، فقال له: إن كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى تدرك غلام ثقيف، وذلك إن دار الهجرة حرمت ما فيها ودار الشرك أحلت ما فيها، فأيكم يأخذ أمه من سهمه؟...
والأقرب ما ذهب إليه الشيخ في النهاية. لنا ما رواه ابن أبي عقيل، وهو شيخ من علمائنا تقبل مراسيله لعدالته ومعرفته... " (1) أقول: وذكر هو - قدس سره - للجواز أدلة غير مقنعة، فراجع. فالعلامة في المختلف جعل المسألة ذات قولين، كما ترى. وقد مر في صدر المسألة بعض كلمات الفقهاء:
فالسيد المرتضى في الناصريات أفتى بالمنع، وتبعه ابن إدريس في السرائر وادعى عليه إجماع أصحابنا وإجماع المسلمين.
وظاهر الشيخ في موضع من المبسوط أيضا المنع، وفي النهاية والخلاف وموضع