تقية أو لمصلحة خاصة موسمية، يشهد لها ما يعلم من وضع أمير المؤمنين (عليه السلام) في عصره من كثرة المخالفين له المنتهزين للفرصة على النقاش والاعتراض، وظهور مثل قوله (عليه السلام): " أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه "، في كونه جوابا إسكاتيا. ويشهد لذلك كله الأخبار الكثيرة الدالة على وقوع الحكم هدنة ومنا على ما مر. هذا.
ولكن يستفاد من الجواهر أن المستفاد من هذه الأخبار أن التقية جعلت الحكم بالمنع ثابتا في جميع زمان الهدنة إلى عصر ظهور القائم بالحق. (1) ومقتضى ذلك أن الحكم الأولي وإن اقتضى عدم الاحترام لمن بغى على الإمام العادل لا لنفسه ولا لماله وذريته، وكونه في ذلك بحكم الكفار، ولكن التقية والضرورة المستمرتين أوجبتا إجراء أحكام الإسلام عليهم واحترام نفوسهم وأموالهم في جميع زمان الهدنة. فالمن الصادر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وإن كان حكما ولائيا ولكنه حكم ولائي مستمر لا يختص بأهل البصرة ونحوهم.
وقد مر منا مرارا أن الأحكام السلطانية الصادرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) على قسمين: بعضها أحكام خاصة موسمية، وبعضها أحكام سلطانية مستمرة، نظير ما احتملناه في قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا ضرر " من كونه حكما سلطانيا له (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونظير وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الزكاة في تسعة وعفوه عما سواها على ما في بعض الأخبار أفتى به المشهور، فتدبر.
وكيف كان فالظاهر إجماع الفقهاء من الشيعة والسنة على المنع في النساء الذراري وأموالهم التي لم يحوها العسكر. وإنما الإشكال والخلاف في أموالهم التي حواها العسكر، ولا سيما وسائل الحرب وأدواتها.
قال العلامة في جهاد المختلف:
" مسألة: اختلف علماؤنا في قسمة ما حواه العسكر من أموال البغاة: فذهب السيد المرتضى في المسائل الناصرية إلى أنها لا تقسم ولا تغنم. قال: ومرجع الناس في