البغي أو بلحاظ اعتقاد نفسه، أو أن الفسق لا ينافي الإيمان ببعض مراتبه، فتأمل.
فالمقام نظير قوله - تعالى -: " وإن فريقا من المؤمنين لكارهون * يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون. " (1) فإن المقصود به المنافقون بلا خلاف. هذا.
وفي المبسوط:
" ولا يجب قتال أهل البغي ولا تتعلق بهم أحكامهم إلا بثلاثة شروط:
أحدها: أن يكونوا في منعة لا يمكن كفهم وتفريق جمعهم إلا بإنفاق وتجهيز جيوش وقتال. فأما إن كانوا طائفة قليلة وكيدها كيد ضعيف فليسوا بأهل البغي. فأما قتل عبد الرحمان بن ملجم أمير المؤمنين (عليه السلام) عندنا كفر، وتأويله غير نافع له، وعندهم هو إن تأول فقد أخطأ ووجب قتله قودا.
والثاني: أن يخرجوا عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلد أو بادية. فأما إن كانوا معه وفي قبضته فليسوا أهل البغي، وروي أن عليا (عليه السلام) كان يخطب فقال رجل من باب المسجد " لا حكم إلا لله "، تعريضا بعلي (عليه السلام) أنه حكم في دين الله فقال على (عليه السلام): كلمة حق يراد بها باطل، لكم علينا ثلاث: أن لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا، ولا نبدأكم بقتال. فقال: " ما دامت أيديكم معنا "، يعني لستم منفردين.
والثالث: أن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم. وأما من باين وانفرد بغير تأويل فهؤلاء قطاع الطريق، حكمهم حكم المحاربين. " (2) أقول: لا يخفى أن الظاهر من قوله: " ما دامت أيديكم معنا "، كونهم معهم في قبال العدو المشترك، فلا يكفي في صدقه عدم انفرادهم منهم.
وفي الجواهر بعد التعرض لأخبار المسألة الواردة في قصتي الجمل وصفين قال ما ملخصه:
" ولعله لهذه النصوص ونحوها قال الشيخ وابنا إدريس وحمزة - فيما حكي عنهم - أنه