قتالهم ولا اتباعهم. دليلنا قوله - تعالى -: " فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ".
وهؤلاء ما فاؤوا إلى أمر الله. ولا ينافي ذلك ما روي أن عليا (عليه السلام) يوم الجمل نادى أن لا يتبع مدبرهم، لأن أهل الجمل لم يكن لهم فئة يرجعون إليها. وعلى ما قلناه إجماع الفرقة، وأخبارهم واردة به. " (1) 2 - وفيه أيضا (المسألة 6):
" إذا وقع أسير من أهل البغي في المقاتلة كان للإمام حبسه ولم يكن له قتله، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: له قتله. دليلنا إجماع الفرقة، وأيضا روى عبد الله بن مسعود، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا ابن أم عبد، ما حكم من بغى من أمتي؟ قال:
قلت: الله ورسوله أعلم، فقال: لا يتبع ولا يجاز على جريحهم، ولا يقتل أسيرهم، لا يقسم فيئهم. وهذا نص... " (2) 3 - وقال في جهاد النهاية:
" وأهل البغي على ضربين: ضرب منهم يقاتلون ولا تكون لهم فئة يرجعون إليه، الضرب الآخر تكون لهم فئة يرجعون إليه. فإذا لم يكن لهم فئة يرجعون إليه فإنه لا يجاز على جريحهم، ولا يتبع مدبرهم، ولا تسبى ذراريهم، ولا يقتل أسيرهم. ومتى كان لهم فئة يرجعون إليه جاز للإمام أن يجيز على جرحاهم، وأن يتبع مدبرهم، وأن يقتل أسيرهم. ولا يجوز سبي الذراري على حال. " (3) 4 - وقال في المبسوط:
" إذا عاد أهل البغي إلى الطاعة وتركوا المباينة حرم قتالهم، وهكذا إن قعدوا فألقوا السلاح، وهكذا إن ولوا منهزمين إلى غير فئة. الحكم في هذه المسائل الثلاث واحد; لا يقتلون، ولا يتبع مدبرهم، ولا يذفف على جريحهم بلا خلاف فيه، لقوله - تعالى -:
" فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ". فأوجب القتال إلى غاية، وقد وجدت، فوجب أن يحرم قتالهم. فأما إن ولوا منهزمين إلى فئة لهم يلجئون إليها