أحدها: النساء والصبيان. فلا يجوز قتلهم، ويصيرون رقيقا للمسلمين بنفس السبي، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن قتل النساء والولدان. متفق عليه. وكان (عليه السلام) يسترقهم إذا سباهم.
الثاني: الرجال من أهل الكتاب والمجوس الذين يقرون بالجزية. فيتخير الإمام فيهم بين أربعة أشياء: القتل والمن بغير عوض والمفاداة بهم واسترقاقهم.
الثالث: الرجال من عبدة الأوثان وغيرهم ممن لا يقر بالجزية. فيتخير الإمام فيهم بين ثلاثة أشياء: القتل أو المن والمفاداة، ولا يجوز استرقاقهم. وعن أحمد جواز استرقاقهم، وهو مذهب الشافعي. وبما ذكرنا في أهل الكتاب قال الأوزاعي الشافعي وأبو ثور. وعن مالك كمذهبنا. وعنه: لا يجوز المن بغير عوض لأنه لا مصلحة فيه، إنما يجوز للإمام فعل ما فيه المصلحة.
وحكي عن الحسن وعطاء وسعيد بن جبير كراهة قتل الأسرى وقالوا لو من عليه أو فأداه. كما صنع بأسارى بدر. ولأن الله - تعالى - قال: " فشدوا الوثاق فإما منا بعد إما فداء "، فخير بين هذين بعد الأسر لا غير.
وقال أصحاب الرأي: إن شاء ضرب أعناقهم، وإن شاء استرقهم لا غير، ولا يجوز من ولا فداء لأن الله - تعالى - قال: " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " بعد قوله:
" فإما منا بعد وإما فداء. " وكان عمر بن عبد العزيز وعياض بن عقبة يقتلان الأسارى.
ولنا على جواز المن والفداء قول الله - تعالى -: " فإما منا بعد وإما فداء "، وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من على ثمامة بن أثال وأبي عزة الشاعر وأبي العاص بن الربيع، وقال في أسارى بدر: " لو كان مطعم بن عدي حيا ثم سألني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له. " فادى أسارى بدر وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا كل رجل منهم بأربعمأة، وفادى يوم بدر رجلا برجلين وصاحب العضباء برجلين.
وأما القتل فلأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قتل رجال بني قريظة وهم بين الستمأة والسبع مأة، قتل يوم بدر النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط صبرا، وقتل أبا عزة يوم أحد.
وهذه قصص عمت واشتهرت وفعلها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مرات وهو دليل على جوازها،