ويشاهد فيه روح التجري والإفساد، بحيث لا ينهضم في مجتمع المسلمين، ومثله لا يصلح لأن يبقى فيهم.
وخبر طلحة وإن كان ظاهرا في التخيير بين ثلاث خصال لا أربع، ولكنه ليس بصريح في نفى القتل بحيث يعارض ما يأتي من الشواهد على جواز القتل أيضا، بل يمكن أن يحمل أيضا على رفع الحظر المتوهم حيث حكم بتعين القتل في القسم الأول.
وقد قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث، والظاهر أنه كان بعد تقضي القتال.
وفي صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " لم يقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صبرا قط غير رجل واحد: عقبة بن أبي معيط. وطعن أبي بن أبي خلف فمات بعد ذلك. " (1) وقتل أبا عزة الجمحي بعد ما أسر مرة ثانية في أحد. (2) وأصحابنا لم يفرقوا بين الأسر الأول والثاني، وهكذا في خبر طلحة.
ولما حاصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بني قريظة رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ بذلك تم القتال وأثخن العدو، فحكم سعد بأن يقتل مقاتلتهم وتقسم أموالهم ذراريهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقه: " لقد حكم اليوم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات. " (3) ولعله دل على هذه القصة خبر أبي البختري أيضا، كما مر. (4) واستفاض نقل هذه القصد، وقد قتل في هذه الواقعة ستمأة أو سبعمأة من اليهود على ما روي.
وفي التذكرة قال في مسألة التحكيم:
" فإن حكم بقتل الرجال وسبي النساء والذرية وغنيمة المال نفذ إجماعا، كقضية سعد. " (5)