مخير: إن شاء ضرب أعناقهم، وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركهم ينزفون حتى يموتوا. وإن أسروا بعد تقضي الحرب لم يقتلوا وكان الإمام مخيرا بين المن والفداء والاسترقاق، ولو أسلموا بعد الأسر لم يسقط عنهم هذا الحكم. " (1) وبالجملة، لا خلاف بيننا في القسم الأول في تعين القتل وحرمة الإبقاء. ويساعده الاعتبار العقلي أيضا، لبقاء خطر انضوائه إلى جيش الكفار.
وفي القسم الثاني أمره مفوض إلى الإمام، فيختار المن أو الفداء أو الاسترقاق حسب ما يراه صلاحا. وفي المنتهى والتذكرة (2) نسب هذا إلى علمائنا أجمع. المشهور بيننا عدم جواز القتل في هذه الصورة وأفتى بعض أصحابنا بجوازه أيضا، كما أفتى به الشافعي وسيأتي. وصريح الكتاب العزيز يدل على جواز المن الفداء، ولا دليل على نسخه وإن قيل. وإطلاق الفداء يعم الفداء بالمال وبالرجال، ويدل عليهما أيضا عمل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما مر عن الخلاف. ولم يذكر الشيخ في الخلاف دليلا للاسترقاق.
ويدل على حكم المسألة مضافا إلى ما مر:
1 - ما رواه في الكافي، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كان أبي (عليه السلام) يقول: " إن للحرب حكمين: إذا كانت الحرب قائمة لم تضع أوزارها ولم يثخن أهلها فكل أسير أخذ في تلك الحال فإن الإمام فيه بالخيار: إن شاء ضرب عنقه، وإن شاء قطع يده رجله من خلاف بغير حسم وتركه يتشحط في دمه حتى يموت. وهو قول الله - عز وجل -: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم. " (3)