أقول: لا إشكال ولا خلاف في عدم جواز قتله بعد إسلامه، لوضوح حقن الدم بالإسلام، ولما في المنتهى والتذكرة من الإجماع والحديثين، ولا فرق في ذلك بين من أسر قبل تقضي الحرب أو بعده.
وأما غير القتل من الخصال فنقول: إن كان الأسر بعد تقضي الحرب فالظاهر بقاء التخيير بين الخصال الثلاث، وبه أفتى في المبسوط والشرائع، كما مر.
وفي الجواهر قال:
" بلا خلاف معتد به أجده فيه، بل ولا إشكال للأصل والإطلاق. " (1) ومراده بالأصل استصحاب حكمه قبل إسلامه، وبالإطلاق إطلاق خبر طلحة، كذا خبر الزهري بالنسبة إلى الاسترقاق.
وما مر من المبسوط من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فادى عقيلا ولم يسترقه لا يدل على عدم جواز الاسترقاق، إذ لعله (صلى الله عليه وآله وسلم) اختار المفاداة من جهة كونها أحد أطراف التخيير ورآها أصلح.
وأما من أسر قبل تقضي الحرب ثم أسلم فربما يقال فيه أيضا بالتخيير بين الخصال الثلاث.
ويستدل لجواز استرقاقه بإطلاق خبر الزهري، ولجواز المفاداة بما مر من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فادى بالرجل الذي أسلم من بني عقيل الرجلين الأسيرين من أصحابه، لجواز المن بأولويته بذلك ممن أسر بعد تقضي الحرب ولما يسلم كما في الجواهر.
ولكن يمكن أن يناقش ما ذكر بأن خبر الزهري وخبر المفاداة لم يجمعا لشرائط الحجية، ولم يثبت كون أسر الرجل العقيلي قبل تقضي القتال، واسترقاق المسلم إهانة به، والأصل في كل إنسان الحرية. ولا يقاس المقام بمن أسر بعد تقضي الحرب، إذ الإسلام هناك وقع بعد تعلق حق الاسترقاق به ولو على نحو التخيير