أقول: قال الشيخ الأعظم في المكاسب:
" إن أريد منع الحصة مطلقا فيتصرف في الأرض من دون أجرة فله وجه، لأنها ملك المسلمين فلا بد لها من أجرة تصرف في مصالحهم.
وإن أريد منعها من خصوص الجائر فلا دليل على حرمته، لأن اشتغال ذمة مستعمل الأرض بالأجرة لا يوجب دفعها إلى الجائر، بل يمكن القول بأنه لا يجوز مع التمكن لأنه غير مستحق فيسلم إلى العادل أو نائبه الخاص أو العام، ومع التعذر يتولى صرفه في المصالح حسبة. مع أن في بعض الأخبار ظهورا في جواز الامتناع، مثل صحيحة زرارة، قال: اشترى ضريس بن عبد الملك وأخوه من هبيرة أرزا بثلاثمأة ألف. قال: فقلت له: ويلك - أو ويحك! - انظر إلى خمس هذا المال فابعث به إليه احتبس الباقي، فأبى علي. قال: فأدى المال وقدم هؤلاء فذهب أمر بني أمية. قال:
فقلت ذلك لأبي عبد الله (عليه السلام)، فقال مبادرا للجواب: هو له، هو له، فقلت له: إنه قد أداها، فعض على إصبعه. " (1) ولا يخفى أن ما ذكره الشيخ الأعظم أوفق بالقواعد.
والظاهر أنه لا إشكال في أن الجائر يحرم عليه التصرف تكليفا ويثبت عليه الضمان وضعا، وإن جاز للآخذ الأخذ منه والتصرف.
وربما يتوهم عدم ضمانه بوجهين: الأول: أن المستفاد من الأخبار أن أئمتنا (عليه السلام) أجازوا له التصرف في هذا المال بعد ما تقمص الخلافة وغصبها بنحو الترتب حفظا لمصالح المسلمين.
الثاني: أن صحة المعاملة من طرف يستدعي الصحة من الطرف الآخر، إذ لا يتصور أن تكون معاملة واحدة صحيحة من طرف وفاسدة من طرف آخر، فإذا صح الشراء من الجائر صح البيع أيضا.
وكلا الوجهين قابلان للمناقشة، إذ الأول ادعاء محض لا دليل عليه. ويرد على الثاني أن إذن الإمام الذي هو ولى المال لمن أخذه من شيعته لا يستلزم إجازته لما