الدولة الحقة العادلة، إذ لا منافاة بين الوظيفتين: فعلى الأمة السعي في إرجاع الحكم إلى أهله ووجب عليه أيضا تفويض الأمر إليه، ولكنه مع ذلك يجب عليه بعد تقمص الخلافة وتحصيل القدرة التصدي للأمور المهمة التي لا يرضى الشارع بإهمالها من باب الحسبة، ويجب على الأمة أيضا إطاعته وإعانته في هذا السنخ من الأمور إلى أن تستقر الدولة الحقة فيرجع الأمور إليها، فتدبر.
ويمكن أن يناقش في الأدلة التي ذكرت للتعميم في المسألة:
أولا: بانصراف لفظ السلطان في الروايات إلى سلاطين عصرهم من الأموية العباسية المدعين للخلافة، واللام للعهد، والقضايا قضايا خارجية لا حقيقية، كيف؟! وإلا حملت على السلطان الواجد للشرائط الشرعية.
وثانيا: بمنع الإطلاق، لكون ما توهم إطلاقه مسوقا لبيان حكم آخر كجواز إدخال أهل الأرض الخراجية في تقبلها في صحيحة الحلبي، وجواز التقبيل بالأكثر مما تقبل به الأرض من السلطان في رواية الفيض بن المختار ونحو ذلك.
وثالثا: بمنع لزوم الحرج والضرر المدعى، لكون حرمة الأخذ مختصة بما علم تفصيلا كونه زكاة أو خراجا، وليس جميع ما في أيديهم كذلك لاحتمال وجود الحلال في ما بأيديهم، ومجرد الاحتمال يكفي في جواز الأخذ. ولا يضر العلم الإجمالي بعد كون بعض الأطراف خارجا عن محل الابتلاء، نظير الأخذ ممن لا يؤدي الحقوق الواجبة.
ورابعا: بالنقض بلزوم الحرج بالامتناع عن سائر ما يأخذونه ظلما من العشور الضرائب أيضا، فلابد من الحكم بجوازه ولم يقل به أحد.
وخامسا: بما في كلام الشيخ الأعظم، من أن عنوان المسألة في كلامهم ما يأخذه الجائر لشبهة المقاسمة أو الزكاة كما في المنتهى أو باسم الخراج أو المقاسمة كما في غيره، وما يأخذه الجائر المؤمن ليس لشبهة الخراج والمقاسمة، لأن المراد بشبهتهما شبهة استحقاقهما الحاصلة في مذهب العامة دون مذهب الشيعة.
وعلى هذا فالأحوط الرجوع إلى الحاكم الشرعي والاستيذان منه في كل مورد