فالتخصيص بفقراء الذرية كما في كلام كثير من المتأخرين بلا وجه بعد ما يوجد هنا أمور ربما تكون أهم عنده بمراتب. والمفروض في المرسلة والمرفوعة الدالتين على تتميم نصيب الذرية والتوسعة عليهم هو صورة بسط يد الإمام واجتماع جميع الضرائب والأموال العامة لديه وإدارته لجميع الخلات، فلا يستفاد منهما حكم صورة تزاحم المصارف وكون بعضها أهم من التوسعة على الذرية بمراتب.
وعلى هذا فإذا أحرز من عنده مال الإمام (عليه السلام) رضاه بصرف ماله في جهة خاصة جاز له التصدي لذلك بلا رجوع إلى الفقيه، وكون الفقيه وليا على الغائب لا يشمل المقام، إذ أدلة ولاية الفقيه بنيابته عن الإمام (عليه السلام) في الأمور العامة الحسبية وولايته على الغائب تنصرف عن الولاية على نفس الإمام (عليه السلام). اللهم إلا أن يقال بان الفقيه أبصر بمصالح الدين وبما يرتضيه الأئمة (عليهم السلام).
أقول: تبقى على هذا الوجه نكتة وهي أن مجرد رضا المالك قلبا بصرف ماله في جهة خاصة لا يخرج المعاملات الواقعة على ماله عن الفضولية ما لم يكن في البين إذن مالكي أو شرعي أو إجازة لاحقة، إذ اللازم استناد العقد إلى المالك بحيث يقال باع ملكه مثلا، ولا يتحقق هذا إلا بإذنه أو إجازته، وقد أشار إلى هذه النكتة الشيخ الأنصاري - قدس سره - في أول مبحث الفضولي من مكاسبه وإن قوى هو كفاية الرضا، فراجع. (1) ثم نقول: هذه أقوال أصحابنا في حكم الخمس في عصر الغيبة. وضعف بعضها واضح كالقول بوجوب دفن الجميع أو حصة الامام إلى أن يظهر الإمام ويستخرجه، أو عزله وحفظه وإيداعه إلى أن يصل إليه ونحو ذلك مما يوجب ضياع المال وتلفه حرمان مستحقيه وتعطيل مصارفه الضرورية، وكالقول بالتحليل المطلق لا سيما بالنسبة إلى سهام الأصناف مع حرمانهم عن الزكاة أيضا.