وثانيا من جهة أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، وعلى هذا فتقديم قوله:
" لله " على قوله: " خمسه " مما يظهر منه اختصاص جميع الخمس بالله.
ثم لو فرض ظهور الآية في التقسيم كان مقتضاه التقسيم أثلاثا لا أسداسا فيجعل سهم لله وسهم لرسوله وسهم لذي القربى والأصناف الثلاثة التابعة له المسانخة له من جهة الانتساب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأما الأخبار الظاهرة في كون الخمس حقا وحدانيا ثابتا لمنصب الإمامة فكثيرة نذكر بعضها:
الأول: ما رواه السيد المرتضى في المحكم والمتشابه، نقلا عن تفسير النعماني باسناده عن علي (عليه السلام)، قال: " وأما ما جاء في القرآن من ذكر معايش الخلق وأسبابها فقد أعلمنا - سبحانه - ذلك من خمسة أوجه: وجه الإمارة ووجه العمارة ووجه الإجارة ووجه التجارة ووجه الصدقات.
فأما وجه الإمارة فقوله - تعالى -: واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه للرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين فجعل لله خمس الغنائم...
الحديث " (1) فانظر أنه - عليه السلام - سمى الخمس بأجمعه وجه الإمارة ثم صرح بكونه لله - تعالى -، وليس المقصود مالكية تكوينا فإنها لا تختص بالخمس بل المقصود كونه لله تشريعا، ولو كان له السدس فقط لم يحسن نسبة الجميع إليه، فصح ما قلنا من كون الخمس بأجمعه حقا وحدانيا ثابتا لمن له الحكم والأمر. والحكم لله - تعالى - لرسوله ولمن قام مقامه على سبيل الترتيب.
وقد يسمى الأموال العامة الواقعة تحت اختيار الإمام بمال الله كما في نهج البلاغة: " يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع. " (2) هذا.
ولكن في صحة روايات الكتاب كلام مر في بعض المباحث السابقة.