كان عامدا في فعله مخطئا في قصده، مثل أن عمد بحجر لا يوضح غالبا فكان موضحة فهو عمد الخطأ، فلا تفترق النفس والأطراف في أقسام الجناية عليهما.
وإنما يفترقان في فصل وهو أنه قد يكون في الأطراف عمدا، وفي النفس عمد الخطأ، وهو إذا ضربه بحجر يوضح غالبا ولا يقتل غالبا فيكون في الموضحة عمدا محضا، وفي النفس عمد الخطأ.
قد ذكرنا أن الدية تغلظ في العمد المحض وعمد الخطأ، وتخفف في الخطأ المحض، فهذه مخففة أبدا إلا في ثلاثة مواضع: المكان والزمان والرحم.
أما المكان فالحرم، والزمان فالأشهر الحرم، والرحم بأن يقتل ذا رحم بالنسب كالأبوين والإخوة والأخوات وأولادهم وفيه خلاف.
وفي من غلظ من لا يغلظ بالزيادة في الدية، وإنما يغلظ بأسنان الإبل، وعندنا أنها تغلظ بأن يوجب دية وثلث، وقطع الأطراف يغلظ أيضا بالزمان والمكان والرحم عنده، ولم يذكر أصحابنا التغليظ إلا في النفس.
إذا قتل أو قطع طرفا في الحرم استقيد منه بلا خلاف، وإن قطع في الحل أو قتل ثم لجأ إلى الحرم، فقال بعضهم: يستقاد فيه، وعندنا لا يستقاد فيه، بل يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيستقاد منه، وبه قال قوم في النفس دون الطرف فأما إذا دخل الكعبة أو المسجد الحرام فلا خلاف أنه لا يقتل فيهما حتى يخرج.
الدية إذا كانت على العاقلة لم يخل العاقلة من أحد أمرين: إما إن يكون من أهل الإبل أو من غير أهلها.
فإن كان أهل الإبل كالعرب وغيرهم ممن يقتنوا الإبل ويتمولونها كلفناهم الواجب عليهم من إبلهم، ولا ننظر إلى إبل البلد، فإن كانت إبلهم عرابا كلفناهم منها وإن كانت إبل البلد بخاتا، وإن كانت إبلهم بخاتا كان لهم أن يعطوا منها وإن كانت إبل البلد عرابا، فإن كانت إبلهم أدون من إبل البلد وأعطوا من إبل البلد قبل منهم، فإذا تقرر هذا نظرت، فإن كانت إبل العاقلة كلها نوعا واحدا