عنده لم يسأل الحابس لم حسبته؟ لأنه ما حبسه إلا بحق لكنه يسأل المحبوس فيقول له: هذا خصمك؟ فإذا قال: نعم، قال له: بما ذا حبسك؟ فالجواب ينقسم خمسة أقسام:
الجواب الأول: يقول: حبسني بدين وأنا به ملي وفي غنى، قيل له: فاقض دينك، فإن النبي عليه السلام قال: مطل الغني ظلم، فإن فعلت وإلا حبسناك حتى تقضيه، وإن قال: الدين علي وأنا معسر لا أقدر على قضائه، نظرت في سبب الدين:
فإن كان مال حصل في يديه كالقرض والشراء والصلح والغصب ونحو ذلك لم يقبل قوله بالإعسار، لأن الأصل الغنى وحصول المال حتى يثبت زواله.
فإن كان سبب ثبوته من غير مال حصل في يديه كالمهر وأرش الجناية وإتلاف مال الغير ونحو ذلك، نظرت: فإن عرف له مال غير هذا كالميراث والغنيمة ونحو ذلك لم يقبل قوله أيضا في الإعسار، لأن الأصل المال، فإن أقام البينة بهلاك المال وأنه معسر فالقول قوله بغير يمين، لأن الظاهر ما قامت به البينة.
وأما إن كان سببه غير مال حصل في يديه ولم يعرف له مال أصلا فالقول قوله لأن الأصل أن لا مال، مع يمينه لجواز أن يكون له مال.
فإذا ثبت أن القول قوله مع يمينه إذا كان الأصل الفقر والعدم نظرت:
فإن لم يكن مع المدعي بينة بالمال حلف المدعى عليه أن لا مال له، فإذا حلف نادى منادي القاضي ثلاثا " إن فلانا قد فصل بينه وبين خصمه فهل له من خصم "؟
فإن حضر نظر بينهما وإن لم يظهر له خصم أطلقه بغير يمين أنه لا خصم له، لأن الظاهر أنه حبس لخصم واحد حتى يعلم غيره.
وأما إن كان مع المدعي بينة بأن له مالا نظرت: فإن أبهمت البينة الشهادة ولم يعين المال، لم تسمع شهادته، لأنها بمجهول، وإن عينت المال فقال: له الدار الفلانية والعقار الفلاني، سألناه عنه فإن قال: صدقت البينة المال لي وقد ذهب عني