النظر إليه، فيدفع ما في يديه إليه، فإذا حصل الديوان عنده خرج إلى المجلس الذي يجلس فيه للقضاء راكبا إن كان له مركوب أو ماشيا إن لم يكن له مركوب، وكلما مر بقوم سلم عليهم من على يمينه وشماله، لما روي عن النبي عليه السلام أنه قال:
يسلم الراكب على الماشي والقائم على القاعد، والقليل على الكثير، فإذا وصل إلى مجلسه سلم إلى من سبق إليه من الوكلاء والخصوم.
فإن كان مجلسه في المسجد صلى حين يدخله ركعتين تحية المسجد، لما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، وإن لم يكن المكان مسجدا كان بالخيار بين أن يصلي ركعتين إن كان وقتا يجوز النافلة فيه وبين أن يترك، ويفرش له ما يجلس عليه من حصير أو بساط أو غيره، ولا يجلس على التراب ولا على بارية المسجد لأنه أهيب له في عين الخصوم وأنفذ لأمره، ويجلس عليه وحده ليتميز من غيره عند تقدم الخصم إليه، ويكون متوجها إلى القبلة لما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: خير المجالس ما استقبل به القبلة، فإذا جلس يكون على رأسه ثقة يرتب الناس يقدم السابق فالسابق والأول فالأول، ولا يقدم من تأخر ويؤخر من تقدم لأن السابق أحق من غيره.
ثم ينظر فيه: فإن كان يكتب لنفسه كتب ما يحتاج إليه وإن لم يكن يكتب لنفسه اتخذ كاتبا ثقة حافظا، ويجلسه بين يديه بالقرب منه، بحيث يشاهد ما يكتبه، وسنبين صفة الكتاب فيما بعد.
وينبغي أن يكون في مجلسه أهل العلم من أهل الحق، وعند المخالف من أهل كل مذهب واحد حتى إن حدثت حادثة يفتقر فيها إلى أن يسألهم عنها ليتذكر جوابه فيها ودليله عليها، فإن كانوا بالقرب ذاكرهم، وإن كانوا بالبعد استدعاهم إليه، وإذا حكم بحكم فإن وافق الحق لم يكن لأحد أن يعارضه فيه وإن أخطأ وجب عليهم أن ينبهوه عليه.
وقال المخالف: ليس لأحد أن يرد عليه وإن حكم بالباطل عنده، لأنه إذا كان حكمه باجتهاده وجب عليه العمل به، فلا يعترض عليه بما هو فرضه، إلا أن يخالف