حفظها على ربها، فإذا جاء طالبها دفعها إليه على شرائطها المذكورة في اللقطة.
اللدد والالتواء مصدران، يقال: فلان يتلدد إذا كان يلتفت يمينا وشمالا ويلتوي، ومنه قيل: لديد الوادي، لجانبيه لأنها مائلة، ومنه قيل اللدود، وهو الوجور، لأنه في أحد شدقيه، وخصم ألد إذا كان شديد الخصام، وجمعه لد، قال تعالى " وهو ألد الخصام " و " تنذر به قوما لدا ".
فإذا تقرر هذا، وبان للقاضي من أحد الخصمين لدد - أي التواء وعنت - وقد يكون هذا من وجوه: أحدها أن يتقدم خصمه إلى الحاكم فيدعي عليه ويتوجه اليمين ويسأل الحاكم أن يستحلفه له، فإذا بدأ باليمين قطعها عليه، وقال: عليه بينة، فإذا فعل هذا أول مرة نهاه عنه ومنعه منه، وعرفه أن هذا لا يحل إن لم يكن لك بينة، فإن عاد كذلك زبره وأغلظ له في النهي عنه، وصاح عليه، ولا يعجل عليه بالتعزير لئلا يكون جاهلا بذلك، فإن عاد ثالثا إلى مثلها فقد فعل ما يستحق به التأديب والتعزير، فينظر الحاكم فيه باجتهاده، فإن كان قويا لا يكفه عنه إلا التعزير عزره، وإن كان ضعيفا لا يطيق الضرب حبسه وأدبه بالحبس لا بالضرب، وإن كان المصلحة في ترك ذلك كله فعل.
وهكذا إذا أغلظ للحاكم في القول فقال: حكمت علي بغير حق، نهاه فإن عاد زبره، فإن عاد فقد استوجب التعزير بالضرب أو الحبس أو بالعفو، وجملته أنه إليه ففعله بحسب ما يقتضيه المصلحة.
المستحب أن لا يكون الحاكم جبارا متكبرا عسوفا لأنه إذا عظمت هيبته لم يلحن ذو الحجة بحجته هيبة له، ولا يكون ضعيفا مهينا لأنه لا يهاب، فربما فرق بمجلسه بالمشاتمة، ويكون فيه شدة من غير عنف ولين من غير ضعف فإنه أولى بالمقصود.
ومتى حدثت حادثة فأراد أن يحكم فيها، فإن كان عليها دليل من نص كتاب أو سنة أو إجماع عمل عليه، وكذلك عندهم إن كان عليه قياس لا يحتمل إلا معنى واحدا كالشفعة للشريك، وخيار الأمة إذا أعتقت تحت عبد، ونحو هذا، حكم به