ويكره له أن يتولى البيع والشراء فيما يخصه بنفسه، لما روي أن النبي عليه السلام قال: ما عدل وال اتجر في رعيته أبدا، ولا ينظر في أمر ضيعته ونفقة عياله بل يوكل من ينظر له فيه لأن هذا كله مما يشغله عن الحكم.
ويستحب أن يكون وكيله مجهولا لأنه إذا عرف حوبي لأجل القاضي، فكان وكيله كهو، فإن خالف في هذا فباع واشترى بنفسه فالتصرف صحيح نافذ، لأنه ليس بمحرم، وإنما هو مكروه لأجل الحكم.
فإذا دعي القاضي إلى وليمة استحب له أن يحضرها، لما روي أن النبي عليه السلام قال: لو دعيت إلى ذراع لأجبت، ولو أهدي إلي كراع لقبلت، وروي عنه عليه السلام أنه قال: من دعي إلي وليمة فلم يجب فقد عصى الله ورسوله، وعند قوم إجابتها من فروض الكفايات، وعندنا مستحب وليس بفرض، فإن كثرت الولائم وازدحمت تخلف عن الكل لأن القضاء قد تعين عليه، والإجابة إما من فروض الكفايات وقد قام بها غيره، أو هو مستحب فالاشتغال بالقضاء مقدم عليها.
ويعود المرضى ويشهد الجنائز ويأتي مقدم الغائب لأنها قربة وطاعة، فإن كثر هذا وازدحم عليه حضر الكل لأنه حق يسهل قضاؤه ويحضر لحظة وينصرف.
فإذا حضر القاضي بلد ولايته فأول ما يبدأ به أن يبعث إلى الحاكم المعزول به فيأخذ ديوان الحكم إليه - نعني بذلك ما عنده من وثائق الناس، وحججهم من المحاضر والسجلات - فإن من عادة القضاة إذا حكموا بشئ أن يكون ذلك في سجل على نسختين، نسخة في يد المحكوم له، ونسخة في ديوان الحاكم احتياطا، فمتى ضاعت حجته سكن إلى ما في ديوان الحكم، ويكون فيه كتب الوقف، فإن العادة أن القضاة يجددون كتب الوقف كلما اختلقت أو مات شهودها، ويكون فيه ودائع الناس أيضا، فإن من الناس من يودع كتبه ووثائقه ديوان الحاكم احتياطا، فإن ديوان الحكم أحفظ لها.
وإنما قلنا: يأخذ الديوان إليه، لأن من كانت في يده قد عزل عن النظر وصار