الأصم فإنه أجاز أن يكون فاسقا.
الشرط الثالث: أن يكون كاملا في أمرين: كامل الخلقة والأحكام.
أما كمال الخلقة فإن يكون بصيرا، فإن كان أعمى لم ينعقد له القضاء لأنه يحتاج أن يعرف المقر من المنكر، والمدعي من المدعى عليه، وما يكتبه كاتبه بين يديه، وإذا كان ضريرا لم يعرف شيئا من ذلك، وإذا لم يعرف لم ينعقد له القضاء.
وإما كمال الأحكام، فإن يكون بالغا عاقلا حرا ذكرا فإن المرأة لا ينعقد لها القضاء بحال، وقال بعضهم: يجوز أن تكون المرأة قاضية، والأول أصح، ومن أجاز قضاءها قال: يجوز في كل ما يقبل فيه شهادتها، وشهادتها تقبل في كل شئ إلا في الحدود والقصاص.
لا يجوز القضاء بالاستحسان عندنا ولا بالقياس، ومن أوجب القياس حكما لم يجز له بالاستحسان، وقال قوم: يجوز الاستحسان وقد ذكرناه في الأصول.
إذا قضى الحاكم بحكم ثم بان له أنه أخطأ أو بان له أن حاكما كان قبله قد أخطأ فيما حكم به وجب عليه أن ينقض حكمه عندنا، ويستأنف الحكم بما علمه حقا لا يسوع له غير ذلك.
وقال قوم: إن بان أنه أخطأ فيما لا يسوع فيه الاجتهاد مثل أن خالف نص كتاب أو سنة أو إجماعا أو دليلا لا يحتمل إلا معنى واحدا فإنه ينقض حكمه ويبطله، وقال آخرون: إن خالف نص كتاب أو سنة لم ينقض حكمه وإن خالف الإجماع نقض حكمه، ثم ناقضوا فقال بعضهم: إن حكمه بالشفعة لجار نقضت حكمه، و هذه مسألة خلاف، وقال محمد: إن حكم بالشاهد مع اليمين نقضت حكمه، و قال أبو حنيفة: إن حكم بالقرعة بين العبيد أو بجواز بيع ما ترك التسمية على ذبحه عامدا نقضت حكمه لأنه حكم بجواز بيع الميتة، وإن كان الخطأ فيما لا يسوع الاجتهاد فيه فإنه لا ينقض حكمه عندهم.
فأما إن تغير حكمه قبل أن يحكم باجتهاده الأول فإنه يحكم بالثاني ويدع الأول، لأن الأول عنده خطأ فلا يحكم بما يعتقده خطأ، وهكذا قالوا في من أشكل