الآخر فإنه تثبت شهادة الأول بلا خلاف، وعندنا تثبت شهادة الثاني أيضا، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري ومالك وربيعة وأحد قولي الشافعي الصحيح عندهم، والقول الثاني أنه لا يثبت حتى يشهد آخران على شهادة الآخر، وهو اختيار المزني.
دليلنا: الأخبار التي وردت بأن شهادة الأصل لا تثبت إلا بشاهدين، والشاهدان قد ثبتا في كل واحد من الشاهدين.
مسألة 71: تثبت بالشهادة على الشهادة شهادة الأصل، ولا يقومون مقام الأصل في إثبات الحق، وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والآخر أنهم يقومون مقام الأصل في إثبات الحقوق.
دليلنا: أن شاهد الفرع لو كان يقوم مقام الأصل في إثبات الحق لما جازت الشهادة على الشهادة لأنه إن كان الحق إثبات فعل كالقتل والإتلاف لم يثبت بشهادة الفرع لأنه يحتاج إلى مشاهدة، والفرع ما شاهد الفعل، وإن كان الحق عقدا افتقر إلى سماع ومشاهدة، والفرع ما سمع وما شاهد فلما أجمعنا على جواز الكل ثبت أن الفرع يثبت بشهادة الأصل بلا شبهة.
مسألة 72: إذا شهد اثنان بأنه سرق ثوبا قيمته ثمن دينار وشهد آخران أنه سرق ذلك الثوب بعينه، وقيمته ربع دينار، ثبت عليه ربع دينار وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعي: يثبت ثمن دينار لأنهما شهدا أن قيمته ثمن دينار، ثبت عليه ربع دينار، وإن ما زاد عليه ليس بقيمة له فثبت الثمن بشهادة الأربعة وما زاد تعارضت البينتان.
دليلنا: أنه لا تعارض بين الشهادتين فينبغي أن تثبت البينتين معا فيثبت ربع دينار، ويجري مجرى راويين الخبر الواحد أحدهما روي زيادة فائدة فالزائد