قال قوم: لا يقضى بها، وقال قوم: يقضى بها، وهو الأقوى، كما قلناه في قديم الملك سواء، فإذا شهدت أنه كان ملكا له أمس فعلى هذين القولين، وهكذا لو شهدت بأن هذه الشاة ولدتها شاة فلان أو هذا الغزل مغزول من قطن فلان، وهذه التمرة أخرجتها نخل فلان، وهذه الحنطة أنبتتها أرض فلان، كان كله كقولها وهذه الدار كانت لفلان وقد مضى، هذا إذا أقام البينة المدعي أنه كان في يده أمس.
فأما إن أقر المدعى عليه أنه كان في يد المدعي أمس، فهل يلزمه هذه الإقرار، وينتزع العبد من يديه إلى يد المقر له أم لا؟ قال بعضهم: يبني على قيام البينة له باليد أمس، فإذا قلنا يقضى بالبينة ألزمناه الإقرار، وانتزعناه من يده إلى المقر له، ومن قال: لا يقضى له بهذه البينة، قال: في الإقرار وجهان: أحدهما لا يلزمه إقراره أيضا، لأن إقراره باليد أمس كقيام البينة باليد أمس، وقال آخرون: يلزمه الإقرار وينتزع العبد من يده.
فعلى هذا الفصل بين قيام البينة باليد أمس وبين الإقرار باليد واضح، وذلك أن قيام البينة بأن له يد أمس دليل على اليد أمس، وكون العبد في يد المدعى عليه يدل الظاهر أنه لم يزل كان في يده فتعارضت اليدان أمس، وبقيت اليد المشاهدة الآن على العبد، فلهذا كان الحكم له، وليس كذلك الإقرار بأن يد المدعي كانت عليه أمس، لأنه إذا اعترف بهذا لا يثبت له يد بالأمس منفردة بالملك، وقطع المقر أن يكون له يد أمس فكانت يد المقر له قائمة غير منازع فيها أمس فيرد الشئ إليها حتى يعلم كيف زال عنها، هذا إذا كان الإقرار له باليد أمس.
فأما إن كان الإقرار له بالملك أمس، فقال: كان هذا العبد الذي في يدي ملكك أمس، لزمه الإقرار، وينتزع العبد من يديه، ويدفع إلى المقر له به، والفصل بين الإقرار بالملك وبين البينة بالملك بالأمس قد مضى بين الإقرار باليد وبين البينة باليد، وبقى الكلام في الفصل بين الإقرار باليد وبين الإقرار بالملك، حيث قلنا يلزم إقراره بالملك وفي الإقرار باليد على وجهين.
والفصل بينهما أن الإقرار باليد إثبات يد له عليه بالأمس، واليد على الشئ