رجل مات وخلف ابنين كافرين وزوجة وأخا مسلما، فقال الابنان: مات كافرا فالميراث لنا، وقالت الزوجة والأخ: بل مات مسلما فالميراث لنا، عندنا أن الميراث للمسلم منهم، ويسقط الكافر على كل حال، وعندهم أن هذه المسألة مثل التي في أول الباب فلا يخلو إما أن يكون له أصل دين يعرف به أو لا يعرف، فإن عرف أصل دينه وأنه كان كافرا... على شرح ما مضى.
إذا ادعى رجل دارا في يدي رجل فقال: هذه الدار التي في يديك كانت لأبي وقد ورثتها أنا وأخي الغائب منه، وأقام بذلك بينة لم يخل من أحد أمرين: إما أن تكون البينة من أهل الخبرة الباطنة والمعرفة المتقادمة أو لا تكون كذلك.
فإن كانت من أهل الخبرة الباطنة والمعرفة المتقادمة، وقد شرحناه في الإقرار، وهي أن تكون البينة خبيرة بباطن أمره، ولو كان له ولد عرفاه، والخبرة المتقادمة حتى لا يخفى عليها قديم أمره وجديدة، فإذا كانت كذلك فقالت: نعلم ذلك، وأنهما وارثاه لا نعرف له وارثا سواهما، أو قالا: لا وارث له سواهما واحد، فإن القطع يعود إلى العلم كقولهما: لا نعرف، يعود إلى أن لا نعلم ذلك، فإذا شهدا بذلك انتزعناها ممن هي في يده، وسلمنا إلى الحاضر نصفها، والباقي في يدي أمين الحاكم حتى يعود الغائب.
وقال قوم: يؤخذ من المدعى عليه نصيب الحاضر ويقر الباقي في يدي من هو في يده حتى يحضر الغائب، وهو الأقوى عندي، هذا إذا كانت الدعوى دارا أو عقارا.
فأما إن كانت عينا ينقل ويحول كالثياب والحيوان، فالحكم فيها كالعقار سواء، وإن كانت الدعوى دينا قضي به للأخوين، ودفع إلى الحاضر حقه منه، والباقي قال قوم: يقبض كالعين، وقال آخرون: لا يقبض منه، وهو الصحيح عندنا، ومن وافق هاهنا وخالف في العين قال: لأن الأحوط للغائب تركه في ذمته لأنه لا يتلف، ويفارق العين لأنها أمانة حيث حصلت، فلهذا نقلت عن يده ولا نحتاج نحن إلى هذا على ما قلناه لأنا قد سوينا بين المسألتين.