بل أسلمت أنت بعد وفاته فالتركة كلها لي، فالقول قول المتفق على إسلامه لأنه قد ثبت إسلامه حين وفاة أبيه واختلفا في إسلام الآخر، هل كان قبل وفاته أو بعد وفاته؟
فكان القول قول المتفق على إسلامه لأن الأصل الكفر حتى يعلم زواله، ويكون يمينه لا يعلم أن أخاه أسلم قبل موت أبيه، لأنها على النفي على فعل الغير.
فإن كانت بحالها ولم تكن في الكفر وكان ذلك في الرق فمات الرجل حرا و خلف ابنين، فقال أحدهما: كنت حرا حين مات أبي، فقال له الآخر: صدقت و كنت أيضا أنا قد أعتقت قبل موت أبي فالتركة بيننا، كان القول قول المتفق على حريته لأن الأصل رق الآخر حتى يعلم زوال رقه، هذا إذا اتفقا على إسلامه واختلفا في إسلام أنفسهما.
فأما إن اتفقا على وقت إسلامهما واختلفا في وقت موته، وهو أن أحدهما أسلم في غرة شعبان وأسلم آخر في غرة رمضان وأسلم الأب ومات، واختلفا، فقال من أسلم في غرة شعبان: مات أبي في شعبان قبل إسلامك أيها الأخ فالميراث كله لي، وقال الآخر: بل مات في رمضان فالميراث بيننا، فالقول قول من يدعي موته في رمضان ويكون الميراث بينهما نصفين، لأن الأصل الحياة حتى يعلم زوالها.
ولو هلك رجل وخلف أبوين كافرين وابنين مسلمين، ثم اختلفوا، فقال الأبوان: مات ولدنا على الكفر فالتركة لنا، وقال الابنان: بل مات مسلما فالميراث لنا.
عندنا أن التركة للولدين المسلمين على كل حال، وعندهم فيها قولان:
أحدهما: أن القول قول الأبوين لأن الأبوين إذا كانا كافرين فولدهما كافر قبل بلوغه تبعا لأبويه، فإذا بلغ فالأصل أنه على كفره حتى يعلم إيمانه.
والثاني: يوقف، فإن الولد إذا بلغ وأبواه كافران احتمل أن يكون على أصل كفره، واحتمل أن يكون جدد إسلاما بنفسه، فإذا احتمل الأمرين معا وقف الأمر حتى زال الإشكال والأول أقوى عندهم.