فالمطلق - كل ملك كان إذا لم يذكر أحدهما سببه -، وما يتكرر - كآنية الذهب والفضة والصفر والحديد -، يقول كل واحد منهما: ملكي صيغ في ملكي، وهذا يمكن أن يصاع في ملك كل واحد منهما، وكذلك ما يمكن نسجه مرتين كالصوف والخز وما لا يتكرر سببه كثوب قطن وإبريسم، فإنه لا يمكن أن ينسج مرتين وكذلك النتاج لا يمكن أن تولد الدابة مرتين، وكل منهما يقول: ملكي نتج في ملكي، فالكل واحد عند هذا القائل، وفيه خلاف.
ومذهبنا الذي تدل عليه أخبارنا ما ذكرناه في " النهاية "، وهو أنه إذا شهدا بالملك المطلق ويد أحدهما عليها، حكم لليد، وكذلك إن شهدا بالملك المقيد لكل، واحد منهما، ويد أحدهما عليها، حكم لمن هو في يده.
وقد روي أنه يحكم لليد الخارجة وإن كانت أيديهما عليها فهو بينهما نصفان وإن كانت أيديهما خارجتين أقرع بينهما فمن خرج اسمه حكم له به مع يمينه إن كانت الشهادة بالملك مطلقا، وإن كان مقيدا قسم بينهما نصفين، وإن كان لأحدهما بالملك المطلق وللآخر بالملك المقيد حكم للذي شهدا له بالمقيد.
فإذا ثبت أن بينة الداخل تسمع في الجملة، فالكلام فيه كيف تسمع؟ أما بينة الخارج فإذا شهدت بالملك المطلق سمعت وإن شهدت بالملك المضاف إلى سببه فأولى أن تقبل، وأما بينة الداخل، فإن كانت بالملك المضاف إلى سببه، قبلناها، وإن كانت بالملك المطلق، قال قوم: لا يسمعها، وقال آخرون: مسموعة، والأول مذهبنا، لأنه يجوز أن تكون شهدت بالملك لأجل اليد، واليد قد زالت ببينة المدعي.
فإذا تقرر هذا، فكل موضع سمعنا بينة الداخل، قضينا للداخل بلا خلاف، وقال قوم: يستحلف مع ذلك، وقال آخرون: لا يستحلف، وهو الأقوى، وأصل ذلك تعارض البينتين، فإن منهم من قال: يسقطان، ومنهم من قال: يستعملان.
فمن قال: يسقطان، لم يحكم له إلا باليمين، لأنهما إذا تعارضتا سقطتا فيكونان كأنه لا بينة لواحد منهما ولأحدهما اليد، فكان القول قوله مع يمينه.