حلف عمرو مع شاهده وكان الثلث بينهما نصفين، وعلى مذهبنا يقرع بينهما إذا عدم التاريخ، فإن خرج اسم صاحب الشاهدين أعطي الثلث، وإن خرج اسم صاحب الشاهد الواحد حلف معه وأخذ الثلث.
إذا شهد شاهدان أنه أوصى لزيد بثلث ماله، وشاهد أنه رجع عن الوصية لزيد وأوصى لعمرو بثلث ماله، كان لعمرو أن يحلف مع شاهده ويستحق الثلث وحده دون زيد، بلا خلاف بيننا وبين من خالف في الأول، لأن الشاهد واليمين هاهنا ما زاحم الأولين ولا يعرض لهما، وإنما أثبت رجوع الموصي عن وصيته، والرجوع عن الوصية يثبت بالشاهد واليمين، لأن المقصود منه المال، وليس كذلك في التي قبلها لأن الشاهد واليمين زاحم الشاهدين وساواهما، فلهذا كان الشاهدان أولى منه على أحد القولين.
إذا ادعى عبد على سيده أنه أعتقه فأنكر فأتى العبد بشاهدين فشهدا له عند الحاكم بذلك ولم يعرف الحاكم عدالتهما، فقال له العبد: فرق بيننا حتى نبحث عن العدالة، قال قوم: يفرق بينهما، وقال آخرون: لا يفرق، والأول أقوى لأن العبد قد فعل ما يجب عليه، لأنه أتى ببينة كاملة، وإنما بقي ما ليس عليه من البحث عن حال الشهود، ولأن الظاهر العدالة حتى يظهر الجرح، ولأن المدعي قد يكون أمة فإذا لم يفرق بينهما لم يؤمن أن يواقعها، فلهذا فرق بينهما، فإذا فرق بينهما جعل عند ثقة وأوجر وأنفق عليه من كسبه، فإن فضل فضل جمع، فإن صحت حريته سلم الفضل إليه، وإن ثبت رقه رد إلى مولاه وسلم الفضل إلى مولاه، هذا إذا أتى بشاهدين.
فإن أتى بشاهد واحد وقال: لي شاهد آخر قريب وأنا آتيك به، قال قوم:
يفرق، وقال آخرون: لا يفرق، لأنه لم يأت بالبينة التامة.
وكذلك كل حق لا يثبت إلا بشاهدين كالنكاح والطلاق والقصاص ونحو ذلك إن أتى بشاهدين حبسنا له خصمه، وإن أتى بشاهد واحد فهل يحبس خصمه حتى يأتي بآخر؟ على القولين، هذا إذا كان الحق لا يثبت إلا بشاهدين.