بمجهول ويقبل ويملك المجهول، صح له أن يدعيها مجهولة، وتفارق سائر الحقوق لأنه لما لم يصح العقد على مجهول ولا يملك المجهول لم تصح الدعوى مجهولة.
فإذا ثبت أن الدعوى فيما عدا الوصية لا تصح إلا معلومة، فإذا ادعى معلوما فهل يفتقر إلى الكشف بعد هذا أم لا؟ ينقسم ثلاثة أقسام: ما لا يفتقر إلى كشف، وما لا بد فيه من كشف، وما اختلف فيه.
فأما ما لا يفتقر إلى كشف، فالأملاك المطلقة، مثل أن يدعي الدين والعين مثل الدابة والدار والعبد والثوب، فإذا قال: لي كذا وكذا، سمعناها ولم يكلفه الحاكم أن يكشف عن أسباب الملك، لأن جهات الملك وأسبابه تكثر وتتسع من الإرث والهبة والغنيمة والشراء والأحياء وغير ذلك، فإذا كلف الكشف كان عليه فيه المشقة لأنه قد يخفى ذلك السبب.
وأما ما لا بد فيه من الكشف، وهو إذا ادعى القتل، فقال: قتل هذا وليا لنا، كلف الكشف، فيقول: صف لنا القتل عمدا أو خطأ، فإذا قال: عمدا، قال: صف العمد، فإذا وصفه قال: قتله وحده أو معه غيره، وقد شرحناه في الجنايات، لأنه من الأمور التي لا تتدارك بعد فواتها فلهذا كشف عنها.
وأما ما اختلف فيه، فهو النكاح، فإذا ادعى نكاحا فهل يفتقر إلى الكشف أم لا؟ قال قوم: لا يقبل حتى يقول نكحتها بولي وشاهدي عدل، وقال قوم: لا يفتقر إلى الكشف، سواء ادعى الزوجية، فقال: هذه زوجتي، أو ادعى العقد فقال:
تزوجت بها، فإذا قال هذا أجزأه وإن لم يكشف عن هذا القول، وهو الأقوى عندنا، وقال قوم: إن كانت الدعوى عقد نكاح كان الكشف شرطا وإن كانت الدعوى الزوجية لم يفتقر إلى الكشف.
فإذا ثبت هذا فكل موضع حكمنا بصحة الدعوى لزمها الجواب، فإن أقرت له حكمنا بها له، وإن أنكرت فالقول قولها مع يمينها، وقال قوم: لا يمين عليها، والأول مذهبنا، فإن حلفت فذاك، وإن نكلت رددنا اليمين عليه، فيحلف