وقال بعضهم: لا قود عليهما لأنهما اعترفا بما لا يوجب القود، والأول أصح عندنا، والحكم في القصاص والرد على ما قلناه.
وأما إذا شهدوا بما هو في حكم الإتلاف وهو العتق والطلاق ثم رجعوا:
أما إذا شهدوا بالعتق فحكم الحاكم بعتق العبد، ثم رجعا فعليهما قيمة العبد لسيده، لأنهما أتلفا ماله بغير حق، فكان عليهما الضمان، كما إذا قتلاه، ولا فصل بين أن يتعمدا بذلك وبين أن يكون منهما على سبيل الخطأ فإن الضمان في الحالين سواء لأن إتلاف الأموال بالعمد والسهو سواء.
وأما إن شهدا بالطلاق ثم رجعا لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون قبل الدخول أو بعده.
فإن كان بعد الدخول فعليهما مهر مثلها عند قوم، وقال آخرون: لا ضمان عليهما، وهو الأقوى عندي، لأن الأصل براءة ذمتهما.
وإذا شهدا بالطلاق قبل الدخول ثم رجعا فإن الحكم لا ينقض، وعليهما الضمان عند قوم وكم يضمنان؟ قال قوم: كمال المهر مهر المثل، ومنهم من قال:
نصف المهر، وهو الأقوى، ومن قال بهذا منهم من قال: نصف مهر المثل، ومنهم من قال: نصف المسمى، وهو الأقوى عندنا، منهم من قال: إن كان المهر مقبوضا لزمهما كمال المهر وإن لم يكن مقبوضا لزمهما نصف المهر، والفصل بينهما إذا كان مقبوضا غرمه كله لا يسترد شيئا منه لأنه معترف لها به لبقاء الزوجية بينهما فلما حيل بينهما رجع بكله عليهما، وليس كذلك إذا كان قبل القبض، لأنه لا يلزم إلا إقباض نصفه، فلهذا رجع بالنصف عليهما، وهذا قوي.
فأما إذا لم يكن إتلافا مشاهدة ولا حكما، وهو أن يشهدا بدين، وحكم بذلك عليه ثم رجعا فهل عليهما الضمان للمشهود عليه أم لا؟ قال قوم: لا ضمان عليهما، وقال آخرون: عليهما الضمان، وكذلك قالوا في من أعتق عبدا في يده أو وهبه وأقبضه ثم ذكر أنه كان لزيد فهل عليه قيمته لزيد؟ على قولين لأنه أقر به له بعد أن فعل ما حال بينه وبينه بغير حق، والأقوى عندي أن عليهما الضمان للمشهود عليه،