ومن قال: يستعملان، فلا شئ عليه، لأنا نقضي له بالبينة، وذلك لأنهما تعارضتا وانفرد أحدهما باليد، فقد مناها على بينة الخارج باليد، فقضينا له بها، فلهذا قلنا: لا شئ عليه.
فأما إذا تنازعا عينا لا يد لواحد منهما عليها، وأقام أحدهما شاهدين والآخر أربعة شهود، روى أصحابنا أنه يرجح بكثرة الشهود والتفاضل في العدالة فيقدم، وقال قوم: لا ترجيح بالعدد ولا بالتفاضل في العدالة.
وأما إن كان لأحدهما شاهدان وللآخر شاهد وامرأتان، فلا ترجيح عندنا وعند الأكثر، وقال من وافقنا في الأولى: إنه يرجح به الشاهدان.
وأما إن كان لأحدهما شاهدان وللآخر شاهد واحد، وقال: أحلف مع شاهدي وأساويه، قال قوم: يساويه، وقال آخرون: لا يساويه، وهو الأصح عندنا، وهكذا لو كان مع أحدهما شاهد وامرأتان، ومع الآخر شاهد، وقال: أحلف مع شاهدي، الباب واحد، عندنا يرجح الشاهدان، والشاهد والمرأتان على الشاهد واليمين، وقال قوم: لا يرجح.
إذا شهد له بما يدعيه شاهدان، فقال المشهود عليه: أحلفوه لي مع شاهديه، لم يحلفه عندنا وعند الأكثر، وفيه خلاف، فإن كانت بحالها فشهد له شاهدان بالحق فقال المشهود عليه: صدقا غير أني ملكت ذلك منه، أو قال: أبرأني منه أو قضيته إياه، حلفناه له، لأن هذه دعوى أخرى، وهو أنه يدعي أنه برئ من الحق، فيكون القول قول المدعى عليه، هذا كله إذا كان المشهود عليه ممن يعبر عن نفسه.
فأما إن كان ممن لا يعبر عن نفسه كالصبي والغائب والميت، فإنا نستحلفه مع شاهديه، لأنه لو عبر عن نفسه أمكن أن يذكر ما يجب به اليمين على المشهود له، فلهذا حلفناه احتياطا.
لا تصح الدعوى إلا معلومة في سائر الحقوق، إلا الوصية، فإنه يصح أن تدعي مجهولة، فيقول: أوصى لي بخاتم أو بثوب أو عبد أو بمال، لأنه لما صح أن يوصي