فإن كان لآدمي ثبت بالشهادة على الشهادة سواء كان الحق مما لا يثبت إلا بشاهدين كالنكاح والخلع والطلاق والرجعة والقذف والنسب والقصاص والكتابة، أو مما يثبت بشاهدين أو شاهد وامرأتين أو شاهد ويمين، وهو ما كان مالا أو المقصود منه المال أو كان مما يثبت بالنساء وحدهن وهو مما لا يطلع عليه الرجال كالولادة والرضاع عندهم والعيوب تحت الثياب والاستهلال، وقال بعضهم:
لا يثبت بالشهادة على الشهادة.
وإن كان حقا لله وهو حد الزنى واللواط والقطع في السرقة وشرب الخمر قال قوم: لا يثبت بالشهادة على الشهادة، وهو مذهبنا، وقال بعضهم: يثبت.
فإذا ثبت هذا فالكلام في فصلين: في كيفية التحمل وكيفية الأداء.
أما التحمل وهو أن يصير شاهد الفرع متحملا لشهادة شاهد الأصل فإنه يصح بأحد أسباب ثلاثة:
أحدها: الاسترعاء، وهو أن يقول شاهد الأصل لشاهد الفرع: أشهد أن لفلان بن فلان على فلان بن فلان ألف درهم فاشهد على شهادتي، فهذا هو الاسترعاء.
الثاني: أن يسمع شاهد الفرع شاهد الأصل يشهد بالحق عند الحاكم فإذا سمعه يشهد به عند الحاكم صار متحملا لشهادته.
الثالث: أن يشهد الأصل بالحق ويعزيه إلى سبب وجوبه، فيقول: أشهد أن لفلان بن فلان على فلان بن فلان ألف درهم من ثمن ثوب أو عبد أو دار أو ضمان أو دين أو إتلاف ونحو هذا، فإذا عزاه إلى سبب وجوبه صار متحملا للشهادة.
فأما إن لم يكن هناك استرعاء ولا سمعه يشهد به عند الحاكم ولا عزاه إلى سبب وجوبه مثل أن سمعه يقول: أشهد أن لفلان بن فلان على فلان بن فلان ألف درهم، فإنه لا يصير بهذا متحملا للشهادة على شهادته لأن قوله: أشهد بذلك، ينقسم إلى الشهادة بالحق ويحتمل العلم به على وجه لا يشهد به، وهو أن يسمع الناس يقولون: لفلان على فلان كذا وكذا، وقف التحمل لهذا الاحتمال فإذا استرعاه أو شهد به عند الحاكم أو عزاه إلى سبب وجوبه زال الإشكال.