حق، ولأنه قد يخاف المشهود عليه فيبقي سرهما.
فإذا ثبت أن المسألة تكون سرا، فإنه يعطي كل ذلك إلى صاحب مسائله، ويكتم عن كل واحد منه ما دفعه إلى الآخر لئلا يتواطئا على تزكية أو جرح بما لا أصل له.
فإذا ثبت هذا فالحاكم بالخيار بين أن يطلق هذا إلى أصحاب مسائله ويفوض المسألة إليهم، وبين أن يبعث كل واحد إلى رجل يعرفه الحاكم من جيرانه ومخالطيه وأهل الخبرة والمعرفة به، فإذا ثبت هذا فالكلام في كيفية المسألة يأتي إن شاء الله.
وينبغي أن يحرص الحاكم إذا بعث بصاحب مسألة ألا يعرف ويكون مجهولا عند المدعي والمدعى عليه والشاهد، لأن المدعي ربما رشاه ليزكي المجروح و المدعى عليه يرشوه ليجرح المزكي، والشاهد يرشوه ليثني عليه ويزكيه.
والمستحب أن يكون صاحب مسائله جامعا للعفاف في طعمه، لأن من لم يتق أكل الحرام لا يتق الكذب وترك الصدق، ويكون جامعا للعفاف في نفسه من ترك وفعل كالغضب والمعاصي، لأن من لم يصبر نفسه عن المعاصي لا يوثق بتزكيته ويكون وافر العقل لئلا يخدع، بريئا من الشحناء والميل إلى قوم دون قومه لأنه يخفي من عدوه حسنا ويذكر قبيحا، ولا يكون من أهل الأهواء فيميل على من خالفه، ويخفف عمن وافقه، ولا يكون من أهل اللجاج، ويكون ثقة أمينا في دينه لأنه موضع أمانة، ولا يستعمل فيه أهل الخيانة.
ولا يقبل التعديل والجرح إلا من اثنين وهو أحوط عندنا، وقال بعضهم: يجوز أن يقتصر على واحد لأنه إخبار، وقال بعضهم: العدد معتبر في من يزكي الشاهدين، ولا يعتبر في أصحاب مسائله، فإذا عاد إليه صاحب مسألته فإن جرح توقف في الشهادة، وإن زكاة بعث الحاكم إلى المسؤول عنه، فإذا زكاه اثنان تحمل ذلك، ومن أجاز تزكية واحد قال: هذا خبر لأنه لا يعتبر فيه لفظ الشهادة، وقال من خالفهم:
يعتبر لفظ الشهادة ولا تقبل فيه الرسالة ولا يقبل والدا لولده ولا ولدا لوالده، وقد