فإذا وعظهما فإن رجعا فلا كلام، وإن أقاما على الشهادة وقد اتفقا على الشهادة ولم يختلفا ووعظا فثبتا، فعند ذلك يبحث عن عدالتهما، هذا إذا لم يكن لهم شدة عقول.
فأما إن كان لهم شدة عقول ووفور ضبط وجودة تحصيل، لم يفرقهم ولم يعظهم، لأن في ذلك نقيصة عليهم وغضاضة منهم، غير أنه يبحث عنهم، والبحث عن هؤلاء من غير تفريق ولا عن موعظة، والبحث عن القسم الأول بعد التفريق والموعظة.
فأما الكلام في كيفية البحث أن يكتب اسم كل واحد منهم، وكنيته إن كانت له كنية، ويرفع في نسبه إلى الموضع الذي لا يشاركه فيه غيره، ويكتب حليته من لون وقد وطول وقصر، ويذكر منزله الذي يسكنه في محلة كذا، ويذكر موضع مصلاه وسوقه ودكانه ومعاشه من تجارة أو صنعة، لئلا يقع اسم على اسم، فيعدل الفاسق ويفسق المعدل.
فإذا ضبط هذا نظرت: فإن أراد الحاكم الشرح والتطويل كتب: حضر القاضي فلان بن فلان، فلان بن فلان المدعي وأحضر معه فلانا المدعى عليه، فادعى عليه كذا وكذا، فأنكر، فأحضر المدعي شاهدين...، وذكر ما قلنا من ضبطهما، بالصفات وإن أحب الاختصار والإيجاز اقتصر على ذكر المدعي والمدعى عليه، وذكر قدر الحق والشهود.
أما معرفة المدعي لئلا يكون ممن لا تقبل شهادة المزكي له، لكونه أباه أو ولده على الاختلاف فيه، وأما المدعى عليه لئلا يكون عدوه، وأما قدر الحق فلان في الناس من يرى قبول شهادة الشاهد في القليل دون الكثير، وأما المشهود، فلما مضى، ولينظر من الذي يزكيهم، فإذا ضبط كل هذا كتبه في رقاع ودفعها إلى أصحاب مسائله ليسألوا عنه جيران بيته ودكانه وأهل سوقه ومسجده، وتكون المسألة عنه سرا لأنه ليس المقصود هتك الشهود، فإذا كان جهرا ربما انكشف عليه ما يفتضح به ولأنه إذا كان جهرا ربما توقف المزكي عن ذكر ما يعرفه فيه حياء ومراعاة