على جهتها لأنه لا يخاف فوات الحادثة، وإن كان الوقت ضيقا فخاف إن تشاغل بالدلائل والاجتهاد أن تفوته الصلاة، قال قوم: له تقليد غيره، وقد حكي عن هذا القائل أنه كان يقلد الملاحين في جهة القبلة، وقال: إذا ضاق الوقت جرى مجرى الأعمى والعامي، وقال غيره: ليس له التقليد، وهو الأقوى عندي، لأنه متمكن من الوصول إلى العلم بما كلفه.
فعلى هذا هل يتصور ضيق الوقت وخوف الفوات في حق الحاكم أم لا؟ قال قوم: يتصور، وهو إذا ترافع إليه مسافران والقافلة سائرة، ومتى تشاغل بالاجتهاد فاتهما السفر، فعلى هذا يجوز عند قوم أن يقلد غيره ويحكم به، وقال آخرون: لا يجوز، وهو الصحيح عندنا.
القضاء لا ينعقد لأحد إلا بثلاث شرائط:
الشرط الأول: أن يكون من أهل العلم والعدالة والكمال، وعند قوم بدل كونه عالما أن يكون من أهل الاجتهاد، ولا يكون عالما حتى يكون عارفا بالكتاب والسنة والإجماع، والاختلاف ولسان العرب، وعندهم والقياس.
فأما الكتاب فيحتاج أن يعرف من علومه خمسة أصناف: العام والخاص، والمحكم والمتشابه، والمجمل والمفسر والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ.
أما العموم والخصوص، لئلا يتعلق بعموم قد دخله التخصيص كقوله تعالى:
" ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " هذا عام في كل مشركة حرة كانت أو أمة وقوله:
" والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " خاص في الحرائر فقط، فلو تمسك بالعموم غلط وكذلك قوله: " اقتلوا المشركين " عام، وقوله: " من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية " خاص في أهل الكتاب.
وأما المحكم والمتشابه، ليقضي بالمحكم دون المتشابه.
والمجمل والمفسر، ليعمل بالمفسر كقوله: " أقيموا الصلاة " وهذا غير مفسر وقوله: " فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون... الآية " مفسر لأنه فسر الصلوات