طلب منه أن يصدقها بشئ وقال له: التمس ولو خاتما من حديد، والظاهر أنه ع جعل ما معه من القرآن صداقا لأنه لم يطلب الفضل والشرف وإنما طلب المهر ولأنه قال: بما معك، والباء تدل على البدل والعوض ولو أراد الشرق لقال: لما معك من القرآن، ولا يصح جعل القرآن صداقا إلا على وجه التعليم له، وفي خبر آخر عن أبي هريرة أنه قال ع قال للرجل: قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك، وهذا نص.
ولا يجوز أن يقول الانسان لغيره: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك على أن يكون بضع كل واحدة منهما مهر الأخرى، لأن ذلك هو نكاح الشغار الذي نهى النبي صلى الله عليه وآله عنه ولا خلاف من أصحابنا في تحريمه.
ويجوز جعل العتق مهرا بأن يقول لأمته: قد تزوجتك وجعلت عتقك مهرك، ولو قال: قد أعتقك وتزوجتك وجعلت عتقك صداقك، ثبت العتق وكانت مخيرة في التزويج.
وإذا عين المهر حالة العقد كان للزوجة أن تمتنع من تسليم نفسها حتى تقبض جميعه، فإذا قبضته فله نقلها إلى منزله وليس لها الامتناع، ولو دخل بها وهو أو بعضه باق في ذمته لم يكن لها منع نفسها منه حتى تقبض ذلك وإنما لها المطالبة به فقط.
وإذا لم يسم لها مهرا حالة العقد ودخل بها، فإن كان أعطاها قبل الدخول شيئا وقبضته منه لم يكن لها غيره لأنها لو لم ترض به لما مكنته من نفسها، وإن لم يكن أعطاها شيئا لزمه مهر مثلها، ويعتبر في ذلك السن والنسب والجمال والتخصيص وكلما يختلف المهر لأجله، فإن نقص عن مهر السنة وهو خمس مائة درهم فضة أو قيمتها خمسون دينارا لم يكن لها غيره، وإن زاد على ذلك رد إليه، كل ذلك بدليل الاجماع المشار إليه.
وإذا وقع العقد على عبد مجهول أو دار مجهولة صح وكان لها من أوسط العبيد أو الدور، و إذا وقع على عين محرمة كالخمر وعين الغصب صح العقد وبطل المسمى بلا خلاف إلا من مالك وبعض أصحابنا، ونبين صحة ما اخترناه أن أكثر ما يلزم في هذه الصورة سقوط المسمى وذلك لا يؤثر في صحة العقد لأنا قد بينا أنه لا خلاف في صحته مع عدم ذكر المهر.