العنت أي الزنى والمشقة والضرر لغلبة الشهوة، وإن تصبروا خير لكم:، معناه وصبركم:، عن نكاح الإماء وعن الزنى خير لكم.
ويدل على أن الإحصان يعبر به عن الخيرية قوله تعالى في أول الآية: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات، ولا شك أنه أراد بها الحرائر والعفائف لأن اللاتي لهن أزواج لا يمكن العقد عليهن، على أن في الناس من قال: إن المحصنات هنا المراد بها الحرائر دون العفائف، لأن العقد على المرأة الفاجرة ينعقد وإن كان مكروها لأن قوله:
الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، منسوخ بالإجماع ويمكن أن يخص بالعفائف على الأفضل دون الوجوب.
وذكر الطبري أن الآية تقديما وتأخيرا، لأن التقدير ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات مما ملكت أيمانكم، أي فلينكح مما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات بعضكم من بعض والله أعلم بإيمانكم وهو مليح.
فصل:
ثم قال تعالى: يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم، قال الجبائي: في الآية دلالة على أن ما ذكر في الآيتين من تحريم النكاح وتحليله قد كان على من قبلنا من الأمم لقوله: ويهديكم سنن الذين من قبلكم، أي في الحلال والحرام، وقال الرماني: لا يدل ذلك على اتفاق الشريعة وإن كنا على طريقتهم في الحلال والحرام كما يدل عليه وإن كنا على طريقتهم في الاسلام وهذا أقوى، ومثله قوله تعالى: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم، واللام في " ليبين " زيدت لإرادة التبيين والأصل أن يبين كما زيدت في " لا أبا لك " لتأكيد الإضافة.
ولله يريد أن يتوب عليكم، أي يقبل توبتكم من استحلالهم ما هو حرام عليهم من حلائل الآباء والأبناء، ويريد الذين يتبعون الشهوات، قيل: هم اليهود، لأنهم يحلون نكاح الأخت من الأب، وقيل: المجوس، أي يريدون أن يعدلوا عن الاستقامة: ويريد الله أن يخفف عنكم، في نكاح الإماء لأن الانسان خلق ضعيفا في أمر النساء.