حظر المتعة باطل.
وقد ذكرنا أن الحجة لنا بعد الاجماع من القرآن قوله تعالى: فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن فريضة، ولفظ الاستمتاع والتمتع وإن كان واقعا على الالتذاذ والانتفاع في أصل اللغة فقد صار بعرف الشرع مخصوصا بهذا العقد المعين، لا سيما إذا أضيف إلى النساء، ولا يفهم من قول القائل متعة النساء، إلا هذا العقد المخصوص، كما أن لفظ الظهار اختص في عرف الشرع بهذا الحكم المخصوص وإن كانت في اللغة مشتركة فكأنه قال: إذا عقدتم عليهن هذا العقد المخصوص فأتوهن أجورهن.
ولفظة " استمتعتم " لا تعدو وجهين: إما أن يراد بها الانتفاع والالتذاذ الذي هو أصل موضوع اللغة أو العقد المؤجل المخصوص الذي اقتضاه عرف الشرع، فلا يجوز أن يكون هو الوجه الأول لأمرين.
أحدهما: أنه لا خلاف بين محصلي من تكلم في أصول الفقه في أن لفظ القرآن إذا ورد وهو محتمل لأمرين: أحدهما أصل اللغة والآخر عرف الشرع، أنه يجب حمله على عرف الشرع، ولهذا حملوا كلهم لفظ صلاة وزكاة وصيام وحج على العرف الشرعي دون اللغوي.
والأمر الآخر: أنه لا خلاف في أن المهر لا يجب بالالتذاذ لأن رجلا لو وطئ امرأته ولم يلتذ لوطئها لأن نفسه عافتها وكرهتها أو لغير ذلك من الأسباب لكان دفع جميع المهر واجبا وإن كان الالتذاذ مرتفعا، فعلمنا أن الاستمتاع في الآية إنما أريد به العقد المخصوص دون غيره.
فصل:
ومما يبين ذلك ويقويه قوله تعالى: ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة، ومعناه على ما روي عن آل محمد ع أن تزيدها أنت في الأجر وتزيدك هي في الأجل، وما يقوله مخالفونا من أن المراد به رفع الجناح في الإبراء والنقصان أو الزيادة في المهر أو ما يستقر بتراضيهما من النفقة ليس بصحيح، لأنا نعلم أن العفو والإبراء مسقط