فصل:
ثم قال تعالى: والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض، قيل فيه قولان: أحدهما: كلكم ولد آدم الثاني كلكم على الإيمان، ويجوز أن تكون الأمة أفضل من الحرة وأكثر ثوابا عند الله، و في ذلك تسلية لمن يعقد على الأمة إذا جوز أن يكون أكثر ثوابا عند الله مع اشتراكهم بأنهم ولد آدم، وفي ذلك صرف عن التعاير في الأنساب، ومن كره نكاح الأمة قال: إن الولد منها يكون مملوكا، ولذلك أنكر وعندنا أن هذا ليس بصحيح لأن الولد عندنا يلحق بالحرية في كلا الطرفين إلا أن يشترط.
وقوله تعالى: فانكحوهن بإذن أهلهن، أي اعقدوا عليهن بإذن أهلهن وفي ذلك دلالة واضحة على أنه لا يجوز نكاح الأمة بغير إذن وليها الذي هو مالكها، وقوله تعالى: وآتوهن أجورهن، معناه أعطوا مالكهن مهورهن لأن مهر الأمة لسيدها، وقيل: تقديره فأتوا مواليهن، فحذف المضاف وقيل: إنما قال وآتوهن لأنهن وما في أيديهن لمواليهن فيكون الأداء إليهن بحضور مواليهن أداءا إلى الموالي.
وقوله تعالى: بالمعروف، وهو ما وقع عليه العقد والتراضي، وقوله تعالى: محصنات غير مسافحات، يعني بالعقد عليهن دون السفاح معهن: ولا متخذات أخدان، فالخدن الصديق يكون للمرأة يزني بها سرا، والسفاح ما ظهر من الزنى، أي غير زانيات جهرا ولا سرا، ولا يحرم في الجاهلية ما خفي من الزنى وإنما يحرم ما ظهر منه، قال الله تعالى: ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، أي حرم الزنى سرا وعلانية.
فصل:
قوله تعالى: فإذا أحصن، من قرأ بالضم معناه تزوجن ومن فتح الهمزة فمعناه أسلمن، وقال الحسن يحصنها الاسلام والزوج، ولا خلاف أنه يجب عليها نصف الحد إذا زنت سواء كانت ذات زوج أو لم تكن، وقوله: من العذاب، أي من الحد لقوله: وليشهد عذابهما، و: يدرأوا عنها العذاب، ولا رجم على الإماء لأن الرجم لا ينتصف.
وقوله: ذلك لمن خشي العنت منكم، إشارة إلى نكاح الأمة عند عدم الطول لمن خشي