السادس قال الفراء: المعنى إن كنتم تتحرجون من مؤاكلة اليتامى فتحرجوا من جمعكم بين اليتائم ثم لا تعدلون بينهن.
فصل:
أما قوله تعالى: فانكحوا ما طاب لكم، فهو جواب لقوله: وإن خفتم ألا تقسطوا، على ما روي عن عائشة وأبي جعفر ع، ومن قال: إن تقديره إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فكذلك تخافوا في النساء؟ الجواب قوله " فانكحوا "، والتقدير فإن خفتم ألا تقسطوا في أموال اليتامى فتعدلوا فيها فكذلك فخافوا ألا تقسطوا في حقوق النساء، فلا تتزوجوا منهن إلا من تأمنون معه الجور مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم أيضا من ذلك فواحدة فإن خفتم من الواحدة فمما ملكت أيمانكم، فترك ذكر فلذلك فخافوا ألا تقسطوا في حقوق النساء لدلالة الكلام عليه وهو قوله: فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة.
ومعنى " ألا تقسطوا " أي ألا تعدلوا ولا تنصفوا والإقساط العدل، واليتامى جمع لذكران الأيتام وإناثهم في هذا المعنى.
وقال الحسين بن علي المغربي: معنى " ما طاب " أي ما بلغ من النساء كما يقال: طابت الثمرة، أي بلغت والمراد المنع من تزويج اليتيمة قبل البلوغ لئلا يجري عليها الظلم فإن البالغة تختار لنفسها، وقيل معنى " ما طاب لكم ": ما حل لكم من النساء ومن أحل لكم منهن دون من حرم عليكم، وإنما قال: " ما طاب " لأن ما مصدرية، وقيل: إن ما هاهنا للجنس كقولك: ما عندك؟ فالجواب رجل وامرأة، وقيل: لما كان المكان مكان إبهام جاءت ما لما فيها من الإبهام ولم يقل من طاب وإن كان من للعقلاء ونحوهم من العلماء وما لغير العقلاء، لأن المعنى أنكحوا الطيب أي الحلال، لأنه ليس كل النساء حلالا لأن الله حرم كثيرا منهن بقوله: حرمت عليكم أمهاتكم، الآية، هذا قول الفراء، وقال مجاهد: فانكحوا النساء نكاحا طيبا، وقال المبرد: ما هاهنا للجنس وكذا قوله: أو ما ملكت أيمانكم، معناه أو ملك أيمانكم.
ومعنى " فانكحوا ما طاب لكم " أي فلينكح كل واحد منكم مثنى وثلاث ورباع، لما قال: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة، معناه