وأجمع المسلمون على أن التزويج مندوب إليه لجميع الأمة وإن اختلفوا في وجوبه لمحمد ص، وأما قوله: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فاختلف المفسرون في سبب نزوله على ستة أقوال:
أحدها ما روي عن عائشة: أنها نزلت في حق اليتيمة التي تكون في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها ويريد أن ينكحها بدون صداق مثلها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لها صداق مهر مثلها، وأمروا أن ينكحوا ما طاب مما سواهن من النساء إلى أربع " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " من سواهن " أو ما ملكت أيمانكم "، ومثل هذا ذكر في تفسير أصحابنا وقالوا: إنها متصلة بقوله: ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن، فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء، الآية، وبه قال الحسن والمبرد.
الثاني: قال ابن عباس: إن الرجل منهم كان يتزوج الأربع والخمس والست والعشر ويقول: ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان؟ فإذا فنى ماله مال على مال اليتيمة فأنفقه، فنهاهم الله تعالى أن يتجاوزا الأربع لئلا يحتاجوا إلى أخذ مال اليتيمة، وإن خافوا ذلك مع الأربع أيضا أن يقتصروا على واحدة.
الثالث قال جماعة: كانوا يشددون في أموال اليتامى ولا يشددون في أموال لنساء ينكح أحدهم النسوة ولا يعدل بينهن، فقال تعالى: كما تخافون أن لا تعدلوا في اليتامى فخافوا في النساء فانكحوا واحدة إلى الأربع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة.
الرابع قال مجاهد: إن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى " معناه إن تحرجتم من ولاية اليتامى وأكل أموالهم إيمانا وتصديقا فكذلك تحرجوا من الزنى وأنكحوا النكاح المباح من واحدة إلى أربع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة.
الخامس قال الحسن: إن خفتم ألا تقسطوا في اليتيمة المرباة في حجركم فانكحوا ما طاب لكم من النساء مما أحل لكم من يتامى قراباتكم مثنى وثلاث الآية، وبه قال الجبائي، وقال الخطاب متوجه إلى ولي اليتيمة: إذا أراد أن يتزوجها فإنه إذا كان هو وليها كان له أن يزوجها قبل البلوغ وله أن يتزوجها.