الانتظامات الداخلية وسد الثغور والأمر بالجهاد والدفاع عند هجوم الأعداء ونحو ذلك مما يرتبط بسياسة المدن. فليست هذه الأمور مما يتصداها كل أحد، بل تكون من وظائف قيم الاجتماع ومن بيده أزمة الأمور الاجتماعية وعليه أعباء الرياسة الخلافة.
الثاني: لا يبقى شك لمن تتبع قوانين الإسلام وضوابطه في أنه دين سياسي اجتماعي، وليست أحكامه مقصورة على العباديات المحضة المشروعة لتكميل الأفراد وتأمين سعادة الآخرة، بل يكون أكثر أحكامه مربوطة بسياسة المدن تنظيم الاجتماع وتأمين سعادة هذه النشأة، أو جامعة للحسنيين ومرتبطة بالنشأتين، وذلك كأحكام المعاملات والسياسات من الحدود والقصاص والديات والأحكام القضائية المشروعة لفصل الخصومات والأحكام الكثيرة الواردة لتأمين الماليات التي يتوقف عليها حفظ دولة الإسلام كالأخماس والزكوات ونحوهما (1). ولأجل ذلك اتفق الخاصة والعامة على أنه يلزم في محيط الإسلام وجود سائس وزعيم يدبر أمور المسلمين، بل هو من ضروريات الإسلام وإن اختلفوا في شرائطه خصوصياته وأن تعيينه من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو بالانتخاب العمومي.
الثالث: لا يخفى أن سياسة المدن وتأمين الجهات الاجتماعية في دين الإسلام لم تكن منحازة عن الجهات الروحانية والشؤون المربوطة بتبليغ الأحكام وإرشاد المسلمين، بل كانت السياسة فيه من الصدر الأول مختلطة بالديانة ومن شؤونها،