وسد ثغور المملكة والأمر بالجهاد والدفاع ونحو ذلك، وصنف منها من وظائفه ولو لم يكن مبسوط اليد إذا أمكنه القيام به ولو بالتوكيل والإرجاع إلى غيره، وذلك كالأمور المهمة التي لا يرضى الشارع بإهمالها كيفما كان، كالتصرف في أموال اليتامى والمجانين والغيب، وكالقضاء بين الناس ونحو ذلك.
والظاهر أن إقامة الجمعة من الصنف الأول، كما يستفاد من التعليل الوارد لها في رواية فضل بن شاذان السابقة، حيث قال: " فإن قال: فلم جعلت الخطبة؟ قيل: لأن الجمعة مشهد عام فأراد أن يكون للأمير سبب إلى موعظتهم (إلى أن قال:) ويخبرهم بما ورد عليهم من الآفاق ".
وإذا ثبت كون إقامة الجمعة من وظائف الإمام (عليه السلام) إذا كان مبسوط اليد فقط أو شك في كونها من هذا القبيل أو من قبيل القسم الثاني لم يثبت للفقيه رخصة في إقامتها، إذ القدر المتيقن من أدله ولايته، ولايته من قبل الإمام (عليه السلام) في خصوص الصنف الثاني من وظائف الإمام أعني الأمور المهمة التي لا يرضى الشارع بإهمالها كيفما كان، فاستفادة الترخيص في إقامتها من أدلة ولاية الفقيه مشكل.
هذا مضافا إلى أن إرجاع إقامة الجمعة إلى الفقيه بنحو الإطلاق مظنة وقوع التنازع والفساد كما لا يخفى بخلاف النصب الخاص. نعم الظاهر أن ما أفتى به الشيخ تبعه في الدروس من كون الفقهاء مأذونين في إقامتها لا مدرك له سوى توهم كونه مشمولا لأدلة ولاية الفقيه.
إن قلت: شمول أدلة ولاية الفقيه لما نحن فيه يقتضي وجوب إقامتها تعيينا إذ التمكن من المنصوب مثل التمكن من الإمام (عليه السلام) فلم حكموا بالوجوب التخييري؟
قلت: لعله من جهة أن عدم وجوبها تعيينا في زمان الغيبة كان مفروغا عنه عندهم، إذ لو كانت واجبة بالوجوب التعييني لعلمه الفقهاء من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) وصل منهم إلينا يدا بيد مع شدة الابتلاء بها كسائر المسائل المتلقاة من الأئمة (عليهم السلام)