أن يستدل بها القائل بكون إقامة الجمعة واجبة علينا في عصر الغيبة، إما بأن لا تشترط بالإمام فتكون من الواجبات العينية التعيينية بالنسبة إلى جميع المسلمين، أو بأن يثبت بها الترخيص والإذن العام ويجب معه إقامتها.
وتقريب الاستدلال بها أن السؤال فيها أولا إنما هو عمن تجب عليه الجمعة لاعن مطلق من تصح عنه وإن لم تجب عليه، وظاهر الجواب فيها أن اجتماع السبعة شرط للوجوب واجتماع الخمسة شرط للصحة والجواز. وعلى هذا فقوله: " أمهم بعضهم " يجب أن يحمل على الوجوب لاعلى مطلق الرخصة والجواز، لكونه معلقا على اجتماع السبعة وقد جعل اجتماع السبعة في صدر الحديث شرطا للوجوب لا للصحة، فالمستفاد من ذيل الحديث أنه كلما اجتمع سبعة من المسلمين وجب عليهم أن يقيموا الجمعة بأن يؤمهم بعضهم ويقتدي به الباقون. ولو سلم عدم دلالته على الوجوب فلا أقل من دلالته على ثبوت الإذن لعموم الشيعة في إقامتها.
فإن قلت: الاستدلال به متوقف على أن يكون المراد بالبعض الذي يؤمهم أي بعض كان، ولا نسلم ذلك، فلعل المراد في ذيل الحديث أنه إذا اجتمع سبعة فوجد شرط الجمعة من حيث العدد أمهم البعض الخاص الذي وظيفته إقامة الجمعة قراءة الخطبة أعني الإمام أو من نصبه. ويؤيد ذلك قوله قبل ذلك: " أحدهم الإمام. " بداهة انصرافه إلى الإمام الأصل لا مطلق إمام الجماعة. هذا مضافا إلى أنه لما ارتكز في أذهان أصحاب الأئمة (عليهم السلام) بحسب السيرة المستمرة كون إقامة الجمعة وقراءة خطبتها من الوظائف والمناصب لأشخاص معينة، فلا محالة كان المنسبق إلى أذهانهم من قوله (عليه السلام): " أمهم بعضهم " البعض الخاص الذي عين لإقامة الجمعة لا أي بعض كان.
قلت: الظاهر من قوله: " أمهم بعضهم " مطلق البعض، لا البعض الخاص المنصوب لإقامة الجمعة. ويدل على ذلك قوله: " لم يخافوا. " إذ الخوف لا يتصور