لجميع الشيعة أو عدم اشتراطها بإذن الإمام أصلا؟ فيه وجوه؛ والأخبار ساكتة عن بيان ذلك، فيحتمل عدم الاشتراط، ويحتمل كون أشخاص معينة منصوبين من قبلهم (عليهم السلام) لإقامتها، ويحتمل ثبوت الإذن لهم بما أنهم مؤمنون فيعم جميع المؤمنين.
وبالجملة رواية ابن مسلم ونظائرها مجملة، والاحتمالات المتصورة فيها أربعة، فلا تدل على ثبوت الإذن العام لجميع فقهاء الشيعة - كما أفتى به الشيخ في بعض عباراته - أو لجميع المؤمنين - كما أفتى به أيضا في بعض العبائر - والظاهر أنه (قده) متفرد بهذين الفتويين بين القدماء من أصحابنا لما عرفت من اختيار السيد المرتضى وسلار وابن إدريس والمفيد (على احتمال) حرمة الإقامة إذا لم يوجد الإمام أو من نصبه.
فهذه ثمانية أخبار لا دلالة لواحد منها على ثبوت الإذن العام.
9 - ما رواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن زرارة، قال: حثنا أبو عبد الله (عليه السلام) على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه، فقلت: نغدو عليك؟ فقال: " لا، إنما عنيت عندكم. " (1) والرواية صحيحة من حيث السند: فالحسين بن سعيد الأهوازي ثقة من الطبقة السابعة، وابن أبي عمير ثقة من الطبقة السادسة، وهشام بن سالم ثقة من الطبقة الخامسة، وزرارة فقيه ثقة من الطبقة الرابعة. وقد مر منا إشارة إجمالية إلى طبقات رجال الشيعة، فراجع.
وتقريب الاستدلال بها أن الظاهر منها أنه (عليه السلام) أذن لشيعته في إقامة الجمعة عندهم، ولم يعين لإمامتها بعضا منهم بالخصوص حتى تختص به ويتعين على الباقين الحضور والمأمومية، كما هو المتعين عليهم إذا أقامها الإمام أو من نصبه، فيدل الحديث على كونهم مأذونين في إقامتها وأن لكل منهم إقامتها، فهو إذن عمومي لهم بما أنهم فقهاء أو بما أنهم مؤمنون، وهو المطلوب.