الجمعة ويخطب لها أعني الإمام أو من نصبه.
ويمكن أن يقال: إن سوق رواية البقباق ومحمد بن مسلم إنما هو لبيان جواز إقامة الجمعة في القرية إذا فرض من باب الاتفاق وجود الإمام أو من نصبه فيها.
فالروايتان ناظرتان إلى رد أبي حنيفة، حيث اشتراط في صحة الجمعة أن تنعقد في الأمصار وحكم ببطلانها في القرى وإن وجد فيها الإمام أو نائبه. (1) وكيف كان فقوله في هاتين الروايتين: " من يخطب " وفي رواية ابن بكير: " من يجمع بهم " منصرفان بقرينة السيرة المغروسة إلى خصوص من كان من شأنه إقامة الجمعة وقراءة الخطبة لا كل من يقدر عليهما، فتدبر.
ولا يخفى أنه بالدقة في الروايات الثلاث ولا سيما رواية ابن بكير يعلم أن إقامة الجمعة ليست بيد كل أحد، وإنما هي من المناصب التي يختص بها بعض دون بعض، فهي أيضا من الأدلة المتقنة للمسألة السابقة.
وبالجملة قد ظهر لك مما بيناه أن دلالة أخبار القرايا على ثبوت الإذن لمن لم يتمكن من الإمام أو من نصبه ممنوعة وإن تمسك بها الشيخ (قده).
4 - ما رواه الكشي في رجاله عن علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابنا، عن محمد بن حكيم وغيره، عن محمد بن مسلم، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجمعة، قال: " إذا اجتمع خمسة أحدهم الإمام فلهم أن يجمعوا. " (2) والجواب عنه مضافا إلى ضعفه: أن كلمة الإمام فيه منصرفة إلى الإمام الأصل.
على أن الرواية في مقام بيان العدد المعتبر في الجمعة، وأن أقله بضميمة الإمام خمسة، وليست بصدد بيان أن كل خمسة كيف ما كانت يجوز لها إقامة الجمعة.
5 - رواية منصور بن حازم، وهي الثالثة من الطائفة الأولى، وقد مرت.