أما الحرمان فقد عبر عنهما تارة بالحرمين، وأخرى بحرم الله وحرم رسوله، ثالثة بمكة والمدينة، ورابعة بالمسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأشمل هذه العناوين وأوسعها هو الحرم، فإن حدود حرم الله تعالى كانت معينة من زمن الخليل (عليه السلام)، وقد نصبت لها أعلام باقية إلى الآن، وهو أوسع من بلد مكة حرم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حسب ما يستفاد من بعض الأخبار عبارة عما بين جبلي عير ووعير. (1) وحينئذ فهل المعيار وما هو تمام الموضوع للحكم هو الحرمان بسعتهما، ويكون ذكر البلد أو المسجد من باب الغلبة، حيث إن الصلاة تقع غالبا في المسجدين أو البلدين، أو يكون الموضوع خصوص البلدين أو المسجدين، ويكون ذكر الحرمين من جهة ثبوت الحكم فيهما إجمالا بثبوته في بعضهما؟ في المسألة وجهان.
فإن قلت: لا مجال لاحتمال كون الحرمين تمام الموضوع للحكم بعد ما فسرا في بعض الأخبار بنفس البلدتين، كقوله في صحيحة ابن مهزيار: فقلت أي شيء تعني بالحرمين؟ فقال: " مكة والمدينة " (2)، وقوله في رواية عثمان بن عيسى: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن إتمام الصلاة في الحرمين: مكة والمدينة (3).
قلت: يمكن أن يكون سؤال الراوي عن الحرمين وتفسيرهما له لأجل الجهل بالمراد منهما، بأن احتمل كون المراد منهما غير الحرمين المعروفين، لا لأجل الجهل بحدود الحرمين المعروفين ومقدارهما، فيكون جواب الإمام (عليه السلام) أيضا ناظرا إلى بيان